الحاجة لمهنة جمع الخردوات رغم مخاطرها الكثيرة
مهنة تنظيف الشوارع وأي مكان من النفايات الضارّة والزائدة التي تفتك بحياة الإنسان بما يسمى بالموت البطيء هو مشروعهم بقصد تأمين لقمة عيشهم من دون أن يعلموا أنهم يقومون بحماية البيئة من التلوث.
فتراهم في كل مكان بين الأبنية وأمام البيوت وبالقرب من الأمكنة العامّة ينبشون القمامة علّهم يجدون فيها شيئاً يبيعونه ويعيلون به عائلتهم أو يحملوها على مناكبهم التي أشقاها تعب التجوال ليلَ نهار، فقد باتت هذه المهنة من أكثر المهن ممارسةً لدى الفقراء الذين لا يرغبون بالتسوّل ومجبرين أن يصارعوا الفقر، وبالرغم من تعاسة هذه المهنة إلا أنها لا تحتاج لرأس مال أو محلّ تجاري لا يملكون ثمن شرائه أو استئجاره.
والجدير بالذكر أنها مهنة قديمة وهناك أناس كانوا يعملوا بها حتى قبل اندلاع الأزمات والحروب في سوريا لكنّ نسبة العاملين بها زادت بشكل ملحوظ بعد كل تلك الأحداث الدامية.
وهم يتجوّلون بأكياس متّسخة وبهيئةٍ رثّةٍ بعيونهم الباحثة عن أجزاء صغيرة من علب البلاستيك والألمنيوم الفارغة وأسلاك قديمة وخردة ومعادن إلى الكرتون، حتى تكوّنت لديهم شخصية مجادلة لا تقبل الاستسلام في نزاع المزادات ولا تفوّت شيئاً قديماً حتى تستغلّه لآخر رمق، ثمّ يقومون ببيع كلّ تلك الأشياء التي لا قيمة لها لمعامل تعيد تكريرها وتحولها لمواد خام كالبلاستيك والمعادن يمكن الاستفادة منها في صناعاتٍ كثيرةٍ.
والشيء الذي يصدم أن بعض الخردوات خاصّة المعدنية التي يجمعها أولئك الفقراء تُسبب لهم الأمراض والأوبئة التي تنتشر بين من يزاول هذه المهنة لاحتكاكهم بشكلٍ يومي بالنفايات.
وأكثر من يمارسون هذه المهنة هم الأطفال الّذين تتراوح أعمارهم ما بين الست سنوات للثامنة عشر عاماً، فإن ويلات الحروب قد أقحمتهم في عمالة الأطفال بين سماسرة المال والفقر المدقع بدل أن يعيشوا طفولتهم بسلام وأن يحصّلوا علمهم في المدارس.
أما أكثر المشاهد التي نراها في الأزقة السوريّة الباعة المتجولين بعرباتهم أو سياراتهم وهم ينادون بمكبرات الصوت عما يبحثون عنه مقابل مقايضتهم الناس بأغراضٍ جديدة أو شراء الخردة من الناس وتتم عملية الشراء أو المقايضة بتوزين كمية البلاستيك أو المعدن قبل ذلك لتحديد ثمنها.
فغدت الأبنية المدمّرة جراء القصف أحد أهم مصادرهم في ظروفٍ أصبح السوريين فيها يستهلكون أي شيء كامل استهلاك فيجمعون تلك الأغراض القديمة بدل رميها منتظرين أولئك الباعة المتجولين كي يبيعوها أو يستبدلوها بشيء آخر.
وإن ما يثير الإهتمام هو الإقبال الواسع من الشركات الكبيرة على شراء تلك الخردوات البالية لأنّ العمل بها ذا مردود جيد لذلك إفتتحت تلك الشركات مواقع كثيرة في شبكات التواصل الاجتماعي لتعقد صفقات البيع والشراء بأطنانٍ مطلوبة ومعينة من أنواع الخردوات.
ونناشد الجهات المختصة على الحد من عمالة الأطفال الّذين تركوا دراستهم وإيجاد فرص عمل للأهل لأن هذه الظواهر لا تعتبر مظاهر حضارية بالمجتمع ولأن هؤلاء الأطفال الذين يعملون بهذه المهنة هم أكثر الناس عرضة للتحطيم وهم بدورهم سيكوّنون مستقبل لا واعٍ ممتلئ بالمشاكل إذا بقوا على هذه الحال.
المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية