عفواً ماكغورك.. داعش في عفرين أيضاً
محسن عوض الله
في حوار مع قناة الحرة الأمريكية أكد المبعوث الأميركي الخاص للتحالف الدولي لمحاربة داعش بريت ماكغورك أن أغلب قيادات داعش ومقاتليه الأجانب يتحصنون في منطقة الحدود بين سوريا والعراق.
وشدد ماكغورك على أن التحالف نجح في تدمير 98 في المئة مما كان يسمى خلافة داعش مضيفاً ” لكننا لن نرتاح إلى حين القضاء عليها بمئة في المئة”.
تصريحات السيد ماكغورك تعبر بشكل كبير عن نظرة التحالف الدولية والقوى الكبرى لملف الإرهاب بسوريا الذي يصر على فكرة مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية داعش حتى لو لم يتبق منها سوى اسم فقط.
أعتقد أن الحديث عن الإرهاب بحاجة لإعادة تعريف وتحرير كامل للمصطلح خاصة بعد سقوط عاصمتي داعش بالرقة والموصل ما دفع قياداته لممارسة ما يطلق عليه طبياً “تحور الفيروس جينياً” والظهور بشكل جديد.
ربما لا يدري السيد ماكغورك أن قيادات داعش تحورت في سوريا ووجدت حاضنة إرهابية جديدة عن طريق أنقرة الراعي الرسمي وكفيل الجماعات الإرهابية بسوريا والمتحدث باسمها أمام المجتمع الدولي.
عفرين تشهد إرهاباً ليس شرطا أن يكون اسمه داعش فما أسهل تغيير الاسم ورفع لواء وشعارات براقة كالجيش السوري الحر وغيرها من الأسماء التي يبدو للوهلة تباينها عن داعش في حين أن معظم عناصرها قيادات بالتنظيم الإرهابي.
منح الكفيل قبلة الحياة لقطيع الإرهابيين، وأهداهم حاضنة جديدة يرتعون فيها مثل الثيران التي تسعي للانتقام من الفارس الذي أذلها وكشف أكذوبة قوتها.
مثلت عملية احتلال عفرين التي أسمتها تركيا زورا “غصن الزيتون” قبلة حياة لتلك التنظيمات الإرهابية التي سقطت أمام قوات سوريا الديمقراطية، واستعانت أنقرة بإرهابيي داعش وجبهة النصرة في مواجهة وحدات حماية الشعب العدو اللدود لأنقرة والتنظيمات الإرهابية في آن واحد لينتقم أردوغان من أعدائه الكرد ويثأر قطيع الإرهابيين من المقاتلين الكرد الذي أسقطوا هيبتهم.
علاقة تركيا بالتنظيمات الإرهابية لا تحتاج لدليل فقد تولت إدارة ملف التنظيمات الإرهابية في سوريا منذ اندلاع الصراع وتحولت بمرور الوقت مسؤول التنسيق بين محور طهران وموسكو مع تلك الجماعات، وأصبحت أنقرة عضوا رئيسياً في الأستانة كأحد الدول الضامنة بسبب علاقتها بتلك التنظيمات وهو ما ظهر بشكل واضح بعد سقوط حلب بيد قوات النظام، حيث سحبت تركيا الفصائل الموالية لها لإدلب وفق اتفاق مع موسكو ما سمح للنظام بدخول المدينة بعد أكثر من ثلاث سنوات من سيطرة المعارضة عليها.
جمعت تركيا كل التنظيمات والقيادات الإرهابية في إدلب واستعانت بهم في عفرين وفق اتفاق مع موسكو، ظهرت ملامحه مع اليوم الأول للحرب على عفرين بعد سقوط مطار أبو الضهور العسكري بيد النظام دون مقاومة تذكر.
في عفرين لم يجد الإرهابيون حرجاً في ممارسة كل أفعالهم القذرة التي بدأوها بسرقة الدجاج خلال الحرب ثم نهب كل البيوت والممتلكات بعد احتلال المدينة في ظل عمليات التهجير التي تمت بحق المدنيين.
منذ سقوط عفرين نهاية مارس شهدت المدينة العديد من الممارسات الإرهابية من قبل التنظيمات الإرهابية التي جلبتها أنقرة معها فبيوت الكرد وأموالهم أصبحت غنيمة، ونساءهم أصبحن معرضات للخطف والاغتصاب وكل ذلك وسط صمت دولي لا يقل دناءة عن ذاك الصمت الذي صاحب العمليات العسكرية على المدينة.
أعتقد أن السيد ماكغورك بحاجة لإعادة النظر في حديثه حول انحسار داعش على الحدود السورية العراقية، وإذا كان فلول داعش تتخفي على الحدود كما تقول، فقيادات داعش تتجول في شوارع عفرين تحت سمع وبصر ودعم ورعاية من الجيش التركي العضو في تحالف الناتو.
ختاماً.. الحديث عن عفرين ذو شجون وأدرك جيداً وعلى الجميع أن يعي ذلك أن مسألة تحرير المدينة من الاحتلال التركي لن تتم دون توافق دولي يماثل ذلك التواطؤ الذي صاحب سقوطها.
يبدو الكرد بحاجة لسياق جديد في علاقتهم بالتحالف الدولي خاصة مع تدشين المرحلة الأخيرة من عاصفة الجزيرة التي من المؤكد أن قسد ستحقق فيها انتصارات جديدة على فلول داعش .
يحتاج الكرد استراتيجية جديدة تكشف للمجتمع الدولي طبيعة القوى الإرهابية بعفرين، وكيف شاركت قيادات داعش والنصرة في احتلال المدينة وهو ما قد يدفع السيد ماكغورك لاتخاذ موقفاً من الممارسات التركية بعفرين بعد أن يقتنع أن داعش في عفرين أكثر منها على الحدود السورية العراقية.