من السويداء إلى الرّقّة…كلّكم دواعش يا عزيزي
فادي عاكوم
ما أشبه اليوم بالبارحة، فالإجرام هو هو والمجرم نفسه، والضحيّة ذاتها، والشامتون والشتّامون هم أنفسهم، فالبارحة كانت الرّقّة واليوم السويداء، منطقتان في سوريّا أبعدتهما الجغرافيا واقتربتا بفعل وأفعال تنظيم داعش الإرهابيّ وأولئك الذين يسمّون أنفسهم ثوّاراً بهتاناً وزوراً.
في الأمس أتت جرذان التنظيم وتوغّلت في مدينة الرّقّة، ففجّر منهم من فجّر نفسه، وأطلق الباقون منهم النيران من أسلحتهم على النساء والأطفال وكبار السنّ، قبل أن تبدأ المواجهات مع أبطال المدينة، وفاتت الجرذان وانتشرت جثثها في الشوارع.
اليوم ما تبقّى من هذه الجرذان دخل إلى مدينة السويداء، فأعادوا السيناريو في مدينة السويداء والبلدات والقرى المحيطة بها، فقتلوا المدنيين والنساء والأطفال قبل أن تبدأ المعارك التي أسقطت عشرات الشهداء وغالبيّتهم من الشبّان الذين اندفعوا دون وعي لحماية الأرض والعرض، ومحاربة الجرذان الإرهابيّة.
لم تكن أفعال هذه الجرذان غريبة يوماً، فهذه أفعالها وستظلّ، إلّا أنّ الذي يجلب الخزي والعار جوقة الشمّاتين الذي يدّعون زوراً أنّهم ثوّاراً ويدّعون للحرّيّة والعدل والمساواة، فشمتوا بضحايا التنظيم في السويداء كما شمتوا من قبل بضحايا مدينة الرّقّة، فتحوّل الشهيد الحقيقيّ إلى مادة للسخرية والتندّر، وتحوّل القاتل إلى مسلّح وربّما بنظر بعضهم إلى أحد الثوّار أو المجاهدين.
هذه المسألة، أي التشفّي بضحايا التنظيم أصبحت ظاهرة تتكرّر، وربّما وجدنا مثلها أيضاً في عفرين، مع ملاحظات إنّها نفس الجوقات التي تردّد نفس الأغاني وتعيدها باستمرار، وبالتوغّل ولو قليلاً بشخصيّات هذه الجوقات ومتابعة منشوراتهم وعلاقاتهم، تجد أنّهم مشتركون بعدّة نقاط، أهمّها التطبيل لتنظيم داعش في البدء، باعتباره المخلص لهم من ظلم الآخرين، ثمّ يطبّلون لتركيّا وأروغان ومعهم فصائل تركيّا المسلّحة في سوريّا.
إنّ وجود هذه الآفات الاجتماعيّة ليس من قبيل الصدفة وبالتالي ليس اعتباطيّاً، فتأثيرهم موجود بتأليب الرأي العام لمصلحتهم بسبب الأموال التي تدفع وبسبب غسل العقول الممارس من قبل الآلة التركيّة الإعلاميّة منذ سنوات، بحيث يتحوّل كلّ معارض لهم إلى هدف مشروع يستوجب التخلّص منه بأيّ طريقة لاستكمال المشروع.
وبالتمعّن، نجد أنّ العمليّة متكاملة، أيّ جزء يقوم بالعمليّة العسكريّة، وجزء آخر يقوم بالترويج الإعلاميّ للتقليل من شأن ما حدث، وكأنّ الأرواح التي زهقت لم تزهق، بمحاولة للسيطرة على الرأي العام لصالح أساس المشروع التركيّ، الذي يقوم بتصفية جميع خصومه عبر هذه العصابات الإرهابيّة بالإضافة إلى غير الخصوم، لكن من الممانعين لمشروع تركيّا الجديد في سوريّا.
التخلّص من جرذان داعش أمره سهل، بل سهل جدّاً، فهم يسقطون كأوراق التوت التي تعرّي أردوغان في المعارك، فإمّا يقتلون بأوّل مواجهة فعليّة أو يفجّرون أنفسهم لملاقاة الحواري اللواتي تنتظرهم، لكنّ الأصعب هو التخلّص من الآفات الإلكترونيّة والإعلاميّة التي تقوم ببثّ سمومها لصالح مشروع التفرقة التركيّ.
رحم الله الشهداء
رحم الله شهداء الرّقّة والسويداء
ولعن الله أردوغان وأتباعه من الدواعش وأشباه الثوار