مجزرة السويداء.. استكمالٌ لمؤامرة استهداف الأقليّات السّوريّة
خليل عبد الله
بعد أكثر من سبع سنوات، وطاحونة الحرب السّوريّة ماتزال تسحق كلّ ما يعترض طريقها. فالصراع على السلطة في سوريّا والذي تحوّل إلى حربٍ عالميّةٍ على الإرهاب، أجبر جميع السّورييّن على اختلافهم على دفع ضريبة هذه الحرب.
أمس كانت درعا، وأوّل من أمس عفرين، واليوم تدفع السويداء ثمن نأيها بنفسها عن رحى الحرب العبثيّة التي أثقلت كاهل السّورييّن من دماء خيرة أبنائها.
السويداء التي نزفت أمس الأربعاء، بعد خمسة تفجيرات انتحاريّة تبنّاها فصيلٌ مرتبط بتنظيم داعش الإرهابيّ في مركز المدينة وريفيها الشّماليّ والشرقيّ، والتي أودت حتّى الآن بحياة أكثر من 220 معظمهم مدنيّون، لن تكون آخر جزءٍ سوريّ تطاله يد الإرهاب، طالما أنّ الذهنيّة التي تمخّضت عن هكذا نتائج ماتزال حاكمة وتسير بالشعوب السّوريّة نحو مصيرٍ مجهول.
ما صلة النظام في مجازر السويداء…؟؟
في كلّ ما حصل من مجازر خلال الحرب السّوريّة، لم يستبعد العديد من المراقبين ضلوع النظام فيها بشكل مباشر أو غير مباشر. في مجازر السويداء، واللافت أنّه أعقبتها زيارة عددٍ من الضبّاط الروس إلى السويداء؛ لمحاولة إقناع شيوخ طائفة الموحّدين بإلحاق الشباب الدروز بصفوف الجيش السّوريّ، تلك المحاولات التي لم تكن الأولى من نوعها والتي لطالما قوبلت برفض تسليم أيّ شابّ درزي للقوّات السّوريّة وهو ما يثير حنق النظام الذي قد يكون سهّل مرور الإرهابييّن انتقاماً من أهالي السويداء، حسب بعض التسريبات الإعلاميّة.
مجازر السويداء هي امتدادٌ لمجازر عفرين.. المؤامرة واحدة
إنّ الرسالة التي حاول إرهابيّو تنظيم داعش إيصالها عبر تفجيرات يوم أمس التي استهدفت محافظة السويداء الآمنة هدفها خلط الأوراق وإعادة سوريّا إلى المربّع العنفيّ الأوّل والإيحاء بأنّه – أي التنظيم الإرهابيّ – مازال يحتفظ بقدراته للتحرك وتوجيه ضربات إرهابيّة مميتة وليوزّع إرهابه وشروره في العالم أجمع، وخصوصاً أنّهم باتوا محصورين في نطاقٍ جغرافيّ صغير في المنطقة الفاصلة بين ريف السويداء الشّماليّ الشرقيّ والبادية السّوريّة، في محاولةٍ منهم ليّ ذراع النظام عبر ضرب الأقليّات المحسوبة عليه، وفرض تسوياتٍ عليه لإجلاء ما تبقّى لهم من عناصر في الجنوب السّوريّ “منطقة حوض اليرموك” بشكلٍ آمن.
ومن جهةٍ أخرى تُعتبر المجازر التي تعرّضت لها السويداء أمس، امتداداً للمؤامرة التي استهدفت عفرين قبل أشهر، والتي لعبت روسيّا دوراً سلبياً للغاية في تطبيق فصولها بتواطؤٍ واضح من قوى إقليميّة ودوليّة أخرى، حيث بدا أنّ بعض الأطراف مستفيدة من تدمير عفرين على يد الأتراك ومرتزقتهم، وخصوصاً أنّها تحوّلت خلال سنوات الحرب إلى مركزٍ تجاريّ مهمّ وصلة الوصل بين مناطق الريفين الحلبيّ والإدلبيّ، وأدّت إلى سقوطها بيد جيش الاحتلال التركيّ ومجاميعه الإرهابيّة التي تمارس حتّى الآن سياسة الأرض المحروقة، في محاولة إظهار أنفسهم كمنتصرين، واختزال كامل ثورتهم المزعومة في إطار انتصارهم المزّيف، المفتعل في عفرين.