خيوط الصراع حول عفرين – 1
إبراهيم كابان
من الواضح إن المصالح الروسية وفق المنظور الإستراتيجي تصب في إعادة هيمنة نظام الأسد على إدلب وبسرعة قصوى دون خسائر، وهو ما تحققه تركيا من خلال إدارة وتوجيه المجاميع المسلحة في إخلاء مناطق سيطرتها لصالح قوات النظام، مقابل غض النظر الروسي عن التجاوزات التركية في مناطق التماس مع الكرد حول مقاطعة عفرين والشهباء، بعد أن فشلت في التدخل إلى المناطق التي تحالفت فيها التحالف والولايات المتحدة مع قوات سوريا الديمقراطية، ولعلَ التخطيط التركي يتمحور حول إلتهام أكبر قدر من المساحات البرية حول روج آفا – شمال سوريا، بغية تطويقها وحصارها وتحويلها إلى تجمع للمجاميع المسلحة التي تخلي أماكنها للنظام ودفعها للمواجهة مع قوات سوريا الديمقراطية.
من طرف تعهدت تركيا بتصفية المعارضة داخل إدلب عبر دفع مجاميع ” أحرار الشام ” للصدام مع هيئة تحرير الشام ” النصرة ” عبر تسليم إدلب للجبهة حتى يتسنى للروس والنظام إيجاد السبيل المناسبة لتحريرها بحكم النصرة جزء من منظمة القاعدة الإرهابية وبنفس الوقت يعتبر آخر معاقل المعارضة السورية، وهذه الذرعية التي تخلقها الإستخبارات التركية للروس جزء من الإتفاقيات المبرمة بينهما من أجل تخفيف الدعم الروسي لقوات سوريا الديمقراطية بمقاطعة عفرين. وما تبقى من المجاميع المسلحة سيتم إقحامهم من قبل الأتراك في معارك حول مناطق الشهباء، وبناء مستوطنات عسكرية لها بين منبج وعفرين وأيضاً حول مقاطعة عفرين من جهة إدلب، وبذلك تؤمن تركيا لها دور في هذه المناطق لمنع أي تطور يبديه الكرد وقوات سوريا الديمقراطية نحو تحرير هذه المناطق وتوحيد إقليم شمال سوريا.
بنفس السياق تحاول تركيا إعادة نظام بشارالاسد إلى مقاطعة عفرين من خلال الضغط على الإدارة الذاتية ودفعها إلى مطالبة الدعم من الروس والذين بدورهم يفرضون سلطة النظام السوري كشرط لتقديم الدعم اللازم في رد التقدم التركي، وبذلك يعود النظام إلى هذه المناطق وهو سبب كافي لتوقف الهجمات التركية. وهذا ما يتمناه النظام كي ينهي المعارضة في باقي المناطق، ومن ثم يكون سيطرته في عفرين ورقة ضغط على الإدارة الذاتية في كوباني والجزيرة كي تتنازل عن المناطق التي حررتها من الداعش، ومنها الرقة ومنابع النفط والغاز في جنوب الحسكة والسدود الإستراتيجية بين حلب والرقة . تركيا بذلك تتخلص من تمدد قوات سوريا الديمقراطية غرب الفرات، والنظام بدوره يقضي على المعارضة ويكسب آلية جديدة للضغط على الكرد، فيما روسيا لاتفرق معها كل هذه العملية سوى إعادة سيطرة النظام على كافة سوريا، والطرح الروسي للوضع الكردي مجرد حقوق ثقافية ضمن سيطرة النظام السوري، وهو هدف يتفق معه الإيرانيين والنظام والأتراك أيضاً.