القوارب في نهر الفرات بين الماضي والحاضر
لمئات من السنين كانت للقوارب بين الذكرى والعمل وبين الأمس والحاضر وبين إرث الأجداد والتطور الذي يشهده الأبناء، ما بين الهواية والعمل وما بين سبيل للرزق وكسب لقمة العيش وبين تقريب المسافات التي قد تكون لعشرات الكيلو مترات، كانت هذه القوارب الصغيرة تتأرجح في مجتمعاتنا القريبة من نهر الفرات.
فما زال الشباب الهواة يستخدمونها للوصول إلى أبعد نقطة في تلك البحيرة الكبيرة، وذاك الصياد الذي وجد في الفرات سبيل رزق لأطفاله، ولا تنسى الذاكرة تلك السهرات والقوارب المضاءة في عرض البحيرة التي يتسامر فيها الشباب والتي تبعدهم عن حر الصيف الحارق.
عادت القوارب اليوم للواجهة لتكون جسر العبور والسبيل الوحيد والأقرب لتقريب المسافة بين ضفتي النهر بعد أن دمرت الحرب على إرهاب داعش كل الجسور التي كانت تربط بين ظفتي النهر العظيم.
ففي ظل المعارك التي شهدتها مدينة الرقة ضد التنظيم الإرهابي شكلت قوارب الصيد حبل النجاة الوحيد للمدنيين في ظل المعارك التي شهدتها المدينة، واستطاعت المئات من العائلات الفرار عبر هذه القوارب البسيطة رغم بدائيتها وبساطتها بعد ترك بيوتهم ومتاعهم وسياراتهم خلفهم على ضفة النهر من جهة المدينة.
إلا أن الكثيرين ممن لم يحالفهم الحظ وأصبحوا في مرمى نيران داعش سقطوا قتلى في النهر بعد أن استهدفهم الإرهاب، لتتحول هذه القوارب من قوارب للنجاة إلى قوارب للموت التي تذكرنا بقوارب الموت التي كانت تنقل اللاجئين السوريين من تركيا إلى أوروبا.
والتي استخدمتها تركيا كورقة ضغط على الاتحاد الأوروبي لتسيير مصالحها غير مكترثة بمئات العائلات التي كانت تموت غرقاً في البحر الذي ابتلع مئات الشباب والأطفال والنساء، فداعش وتركيا قتلت بنفس الطريقة ودون الاكتراث للمدنيين فجعلت مصالحها فوق كل إنسانيات العالم.
وبعد تحرير مدينة الرقة من مرتزقة داعش قام الأهالي بالعودة لمنازلهم لتفقدها وترميمها فعادت حركة القوارب للعمل لكن عملها يختلف عما سبق فقوارب الصيد التي صنعها أصحابها لصيد الأسماك أصبحت اليوم تستخدم لنقل مئات العائلات عبر ضفتي نهر الفرات، وتقو بإيصال المدنيين إلى بيوتهم للضفة الثانية.
حيث أكد محمد جاسم القناص وهو صاحب أحد القوارب أنهم بدأوا العمل منذ عشرة أيام،حيث يبدأ العمل من الساعة السابعة مساءً وحتى الثالثة عصراً وبعدها يتم غلق المعبر.
وفي البداية كان عدد القوارب 4 تعمل على إيصال المدنيين إلى الضفة الأخرى، وبعد بدء حركة عودة الأهالي لمنازلهم ازدادت حركة العمل فأصبح الآن ما يقارب 25 قارب يعملون في نهر الفرات لنقل الأهالي.
وأشار القناص أنهم يومياً يقومون بإيصال ما يقارب 100 شخص حيث أن سعة كل قارب 5 أشخاص فقط.
والجدير بالذكر أن معظم أصحاب القوارب استخدموها كقوارب تعمل بالأجرة وبأسعار زهيدة لنقل الناس بين ضفتي نهر الفرات.
المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية