العلاقات الأمريكية – التركية على فوهة البركان السوري

إن العلاقة بين تركيا وأمريكا قد أخذت في الفتور تارةً والتباعد أكثر فأكثر تارةً أخرى نتيجة ً لاختلاف المصالح داخل الأرض السورية.

هذا وتُدرك أمريكا جيداً أن لتركيا الدور الأكبر في انتشار داعش في سوريا عبر ممرات سرية على حدودها مع سوريا، ولاتزال تركيا من خلال عمليتها في عفرين وتفاهماتها مع العدو الاستراتيجي والتاريخي لأمريكا روسيا، و تسعى إلى استفزاز الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة ً عندما تُعلن تركيا  عن شراء أسلحه روسية وهي عضو في حلف الناتو.

إن ما تقوم به أنقرة من تفاهمات مؤقتة مع الروس بالإضافة إلى ما حدث في عفرين من عمليات تدمير ممنهجة وتغيير ديموغرافي واضح، هذا ما زاد من وتيرة الأصوات التي تعلو في الاتحاد الأوربي لوقف جماح أردوغان، ووضع حد لسياسته خارج سرب الناتو ،خاصة بعد وقوف الناتو ضد روسيا ومعاقبتها على خلفية تسميم الجاسوس السابق في بريطانيا سكريبال وابنته، حيث لم تكن تركيا مع حلفها في معاقبة روسيا الأمر الذي سيُلقى بظلاله على علاقة دول الناتو بعضو مثل تركيا.

أما بالنسبة للسياسة الأمريكية فقد نشرت الصحف الأمريكية أن صبر الولايات المتحدة الأمريكية تجاه تركيا بداً ينفذ، وتأتي هذه التحليلات غداة تغيير شمل أهم مراكز صنع القرار في الإدارة الأمريكية حيث كان تغيير ريكس تيلرسون بمثابة صفعة للأتراك واختيار بومبيو والذي يُعرف بعدائه للحركات الإسلامية وخاصة الإخوان المسلمين، وهو نفسه الذي صرّح في 2016 وعقب محاولة الانقلاب المزعومة في تركيا أن أردوغان يسعى إلى ديكتاتورية إسلامية، خاصة بعد حملات الاعتقال التي طالت جميع مفاصل الدولة والتضييق على وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي.

ورأينا كيف علّق أردوغان أن التفاهم مع أمريكا حول منبج سيحتاج إلى لقاءات قد تطول بعد تغيير تيلرسون، والتغير الثاني ضمن الإدارة الأمريكية شمل مستشار الأمن القومي الأمريكي، حيث تم تعين جون بولتون وتاريخ هذا الرجل يشهد له بأنه من الصقور ضمن الإدارات السابقة وأيضاً من الذين يطالبون بوضع حد للعنجهية التركية وتقليص دورها في الشرق الأوسط.

فمثلاً نشهد تصريحات أردوغان فيما يخص مدينة منبج السورية وتلميحاته بدخول منبج عسكرياً هذه التصريحات التي قوبلت برفض شعبي أولاً ورفض التحالف الدولي ممثلاً بالولايات المتحدة ثانياً.

فتارةً يُعلن اتفاقاً حول منبج سُرعان ما تنفيه وزارة الخارجية الأمريكية، وتارة ًيعلو سقف التصريحات ليهدد الوجود الأمريكي في المدينة .

فكل هذه التصريحات والخطابات تدل على أن هناك تضارب في المصالح والاستراتيجيات على الأرض السورية، لذلك من المتوقع أن تكون الأسابيع المقبلة ثقيلة على كاهل السياسة التركية.

وربما سنشهد تغيرات ملموسة في الخطاب الأمريكي تجاه تركيا خاصة بعد استلام بومبيو منصبه بداية الشهر القادم،

وستتخذ الولايات المتحدة سياسة أكثر صرامة تجاه العنترية التركية والحجم الذي بدأت تأخذه في منطقة الشرق الأوسط،

فهل ستصل المواجهة إلى حدّ الصدام المباشر نتيجة التشابك في المصالح، أو ستكون هناك تسوية بين الحليفين في الناتو يرضى بها الطرفين وكل حسب مقاسه.

وهل ستُضحي تركيا بحلفها التاريخي القديم وتتجه للأحضان الروسية أم هي مجرد تحالف مؤقت مع الروس لضمان حصة في أي تسوية سورية قادمة.

ستكشف الأيام القادمة أن تركيا ومهما ابتعدت وغرّدت خارج سربها أي الناتو، لن تستطيع الخروج وستلجأ إلى تصحيح أخطائها وتعود للكنف الأطلسي مُرغمة ًوستكون الأزمة السورية هي الشعرة التي قصمت ظهر البعير.

حسين العثمان