حج محمود الفرواتي: جامع الثقافات والفلكلور السوري المتنوع
مدينة الرقة المعروفة بتاريخها الأثري والثقافي والفلكلوري المتنوع، كانت ولا زالت تتباها هذه المدينة العريقة بهذا الثوب الذي لبسته على مدى قرون طويلةٍ، فهذه المدينة تحتضن الكثير من هواة ومحبي جمع التحف والقطع الأثرية والفلكلورية القديمة، وهؤلاء الهواة وجامعي التحف الفنية يقصدهم من جال في باله إمتاع ناظريه بتلك القطع القديمة أو أن يبتاع أحدها تجده يتجه للسوق الشرقي الواقع في وسط مدينة الرقة.
ذاك السوق الذي تجد فيه محلات تحوي أثرياتٍ وقطع فنية وفلكلورية أو صناعات يدوية قد محيت من الذاكرة وأصبحت منسية بالنسبة للكثيرين، يتراوح عمرها ما بين ٢٠٠ إلى ٣٠٠ سنة كحدٍ أقصى.
العم حج محمود الفرواتي أحد أصحاب هذه المحلات العريقة وجامع لهذه القطع الفلكلورية والتراثية حيث يخبرنا بأن محله يعود عمره لعام ١٩٣٦ كان لوالده الذي كان يبيع الألبسة الصوفية التي يتم صنعها من صوف وجلود الأغنام وهو بدوره قد توارث الحرفة من والده والذي بدوره توارثها عن جده.
وتابع العم حج محمود قائلاً: طوال عمري كنت من محبي جمع التحف والقطع الاثرية أو الشرقيات كما نسميها نحن هنا في السوق الشرقي فالمحل يحوي على قطع من التراث والفلكلور المحلي الرقي والدمشقي والحلبي والساحلي، وأيضاً من العراق ومصر ولبنان، وقد قمت بجمعها على مدى عمري الذي ناهز الستين سنة، حيث يوجد لدي أكثر من ٢٠٠ قطعة من مختلف ثقافات الشعوب وفولكلورهم العريق، فمثلاً لدي فوانيس تعود للفلكلور الدمشقي العريق قد أهداني إياها أحد اصدقائي القدامى من أهالي دمشق أثناء زيارة قمت بها في عام ١٩٨٧.
وأضاف العم محمود قائلاً: عدا عن القطع والتحف الفلكلورية فأنا توارث مهنة عن أجدادي ألا وهي مهنة صناعة الجلود والسترات الصوفية، حيث يوجد منها نوعان، نوع كان يرتديه شيوخ العشائر و(الآغوات) وهي السترات الصوفية ذات الصوف الناعم وهي الأغلى ثمناً، ونوع كان يرتديه رعاة الأغنام أو الرحالة أثناء ذهابهم في جولات لرعي أغنامهم فأحيانا كانوا يمضون أيام طويلة في البرية لذا يرتدونها لتقيهم البرد وهذا النوع يتميز بخشونة صوفه وسماكة جلده من الداخل وهو طبعاً رخيص الثمن.
وختم العم محمود حديثه وهو يبتسم تلك الابتسامة التي تحمل تعابير عمرٍ قد أمضاه في بحثٍ عن تاريخٍ لربما كان ُسيفقد لولا وجود أمثاله: اليوم عمري يناهز الستين عاماً وأنا لاأزال أبحث وأجمع هذه القطع وأصنع الجلود والسترات، التي تمثل تاريخنا العريق لكيلا يختفي من على وجه الخليقة ويزول من ذاكرتنا وينسى أولادنا وأحفادنا والأجيال اللاحقة تاريخنا وفلكلور سوريا المتنوع والمشبع بالكثير من الثقافات والحضارات التي أوجدت على تراب هذا البلد العريق، سأبقى أجمع وأصنع حتى ينطفئ النور من عيني.
المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية