المتاجرة في معاناة السوريين
انطلقت معركة الجنوب رغم التحذيرات المفروضة من قبل الولايات المتحدة وكانت بداية العمليات العسكرية بمشاركة سلاح الجو الروسي دليل لا يقبل الشك أن العقبات التي كانت تقف أمام هذه المعركة في الجنوب السوري قد تم إزالتها بين الفاعلين والمؤثرين الدوليين.
أمام هذا المشهد العسكري والسياسي في أكثر المناطق حساسية على الساحة السورية تستمر في الشرق السوري أيضاً عمليات تطهير الحسكة ودير الزور من إرهاب داعش والقضاء عليه كليا.
أن الحملة التي تشن في درعا سيكون لها تداعيات كبيرة في ازدياد عمليات النزوح وتشريد مئات العائلات باتجاه الحدود الأردنية والذي عبر إنه لن يستقبل أي لاجئ سوري إضافي داخل أراضيه.
الواجب الإنساني أصبح مصطلحا فضفاضا ومطاطا حسب المصالح. . .حتى الإنسانية!
إن ما عاناه الشعب السوري ومازال من محن آلام مبرحة نفسية وجسدية ستؤثر في صيرورته وبنائه الأفقي والشاقولي على المدى البعيد.
في بداية الأزمة السورية سارعت كل دول الجوار لفتح حدودها أمام حركات النزوح التي شهدتها تلك الدول، كان هذا الأمر في البدايات والغرض كان اقتصادي أولاً وسياسياً ثانياً، وفي النهاية يحمل صبغة إنسانية لحفظ ماء وجه تلك الدول.
نحن الآن أمام واقع مغاير تماماً، تركيا وهي من الدول التي استقبلت أعداد كبيرة في بداية الأزمة، الآن وبعد احتلالها للشمال السوري وتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية من التعامل مع الحالة الإنسانية السورية، تراهن على إعادة النازحين السوريين بعد الانتخابات الأخيرة إلى وطنهم وذلك عقب عوامل عدة حققت الغرض المطلوب منها:
تم تجنيس العقول السورية والكفاءات لصالح تركيا، أي بعبارة أوضح سرقة العقول تحت ذريعة منح لجوء إنساني .
وأيضا إدخال اليد العاملة السورية في سوق العمل التركي وبأسعار بخسة جداً مقارنة بالعامل التركي.
كسب التأييد العاطفي لحكومة العدالة والتنمية لمرحلة الانتخابات وهذا ما تم فعلاً.
استجرار الأموال من المجتمع الدولي ومنظمة الأمم المتحدة لزيادة القطع الأجنبي في تركيا ودعم الاقتصاد التركي.
أمام هذه العوامل نجد أن الحالة الإنسانية ماهي إلا شماعة تاجرت بها دول الجوار بغية تحقيق مأرب خاصة.
والأردن ايضا اغلق حدوده مع سوريا ولن يسمح بدخول اي مواطن سوري لأراضيه بحجة عدم تحمل تبعات هذا الموضوع وأن حصته من استقبال النازحين تكاد تصل إلى ذروتها.
تأتي هذه التصريحات من الجانب الأردني ضمن مشاكل داخلية اقتصادية يعاني منها.
ولإرسال رسائل عدة للدول المانحة والهيئات الدولية لضخ المزيد من المساعدات والأموال أيضا لدعم الحكومة الأردنية الجديدة التي تعاني ترهل اقتصادي ومعالجه لقضايا عالقة نتيجة قرارات الحكومة السابقة.
إن المعاناة الإنسانية للسوريين أصبحت قضية تجارة في مزادات الدول المجاورة
وهي تختص بالأعداد أكثر من الإنسانية.
حتى المنظمات الإنسانية العاملة سواء داخل الأراضي السورية أو خارجها، هي انتقائية وتميزية بين منطقة وأخرى.
فأي عدالة انسانية تحكم هذا العالم، حين يصبح الدم السوري قضية متاجرة
وحين يصبح النازح الهارب من جحيم الحرب مجرد وسيلة لتحقيق غايات مستضيفيهم.
إن الشعب السوري استضاف مئات النازحين إبان حرب العراق ولبنان ولم نشهد خيمة واحدة في سوريا.
لله دركم في الشعب السوري. . . كفاكم قتلاً ومتاجرة في أهلنا.
حسين العثمان