في صفقة إدلب… احذروا إيران
فادي عاكوم
يبدو أن الأمور سائرة إلى الحل السلمي في منطقة إدلب تجنباً لمعركة عسكرية أقل ما يمكن القول عنها أنها كانت ستكون قاسية جداً وستنتج شلالات جديدة من الدم، إلا أن الحل الروسي – التركي لهذه المنطقة أغفل الكثير من الأطراف ومن بينها إيران وموقفها من هذا الحل – الصفقة، الذي أعلن عن تفاصيله لكنها ناقصة وضعيفة مما يؤشر إلى وجود بنود سرية تتعلق باقتسام غنائم الحرب بين الدولتين والتمتع بكعكات عديدة منها الإدارة والتجارة وإعادة الإعمار والبنى التحتية وغيرها.
ومن البنود التي تم إغفالها في الاتفاق الروسي – التركي الدور الإيراني المستقبلي أو على الأقل الموقف الإيراني منه، فقد بات من المعروف أن حرباً باردة بدأت بين إيران وروسيا، وتحديداً بين رجالات الحرس الثوري والكرملين، وفي الوقت نفسه تبدو العلاقات التركية الإيرانية وكأنها في شهر العسل، وبالتالي فإن أي مكاسب تركية هي مكاسب للحليف الاستراتيجي أي إيران، وإن كان عن طرق غير مباشرة فقد يكون عبر التقاء المصالح، وهنا المعضلة المخفية التي قد تعيد توتير الأجواء إلى أقصى الدرجات.
وعند الكلام عن إيران نجد أنفسنا أمام أمرين رئيسيين، الأول الأطماع الإيرانية في المنطقة وتحديداً في العراق وسوريا ولبنان، وعدم استعدادها التفريط بالمكتسبات التي حصلت عليها من خلال التدخل العسكري المباشر عبر فصائل الحرس الثوري وباقي المنظمات المسلحة التي تدور بفلكه، والأمر الثاني هو التقاء المصالح مع تركيا فيما يتعلق بالملف الكردي، فالدولتان تسيران بنهج واحد فيما يتعلق بتهميش القضية الكردية والقضاء على أي تطور أو تكتل قد يظهر الأكراد كقوة إقليمية قد يكون لها الأثر المستقبلي.
وبمراقبة التطورات الأخيرة في الشمال السوري فإن الأمور تسير وبموافقة غربية على أن يكون للأكراد دور خلال العملية السلمية لإدارة المناطق التي يديرونها حالياً بالإضافة طبعاً إلى حمايتها أن كان الأمر بالتنسيق مع حكومة دمشق أو لا، وهذا الامر بالطبع لا ولم ولن يناسب أردوغان ولا حكام طهران، والوسيلة الوحيدة لإبطال هذا الوضع هو حرب بكل معنى الكلمة ضد الإدارة الذاتية بما تمثله من قوات سوريا الديمقراطية وباقي الأحزاب التي تدور بفلكها، والنار ستمتد إلى باقي الشمال السوري الذي سيكون أداة أردوغان لمحاربة الأكراد بالطبع، وستتدخل مجموعات مسلحة مدعومة من الحرس الثوري لوقف ما يسمونه الإرهاب في هذه المنطقة.
إذاً وبالمحصلة فإن اتفاق إدلب اتفاق هش مرحلي، وعبارة عن فرصة لتهدئة الأجواء وإعادة ترتيب الأوراق من جديد من قبل روسيا وتركيا، حتى يمكننا خلال هذا الوقت الضائع من رسم الخطط التي سيتم تنفيذها في المستقبل القريب، والتي ستصب في جميع الاحتمالات لمصلحة قيصر الكرملين الذي يود وضع الإيرانيين في مأزق المواجهات الداخلية المحلية بعد فترة السلام ليستطيع الحشد دوليا أكثر لاخراجهم من سوريا، وإيران لن تكون اللقمة السائغة وستحاول حصد المكتسبات بما أمكن، والحفاظ على المكتسبات الحالية التي سمحت لها التوغل في المجتمع السوري بشكل لم يستطع القيام بمثيله لا الروس والأتراك.