حظر التجوال.. تداعيته.. نتائجه

خضعت الرقة، حالها حال المدن الأخرى في الشمال السوري، لحظر للتجوال الاحترازي بعد انتشار فيروس كورونا الوبائي في العالم أجمع، بعد أن أعلنت عنه الإدارة الذاتية عبر بيان أصدرته في التاسع عشر من الشهر الجاري.

حيث شهدت المدينة في اليومين الأوليين استجابة جيدة جداً من قبل أهالي مدينة الرقة الذين آثروا البقاء في منازلهم على الخروج إلى الشوارع بعد أن صدحت الأخبار ووسائل الإعلام كافة بمخاطر الفيروس الفتاك.

ماذا شمل الحظر؟

وكان بيان الادارة الذاتية واضحاً فيما يخص حظر التجوال الذي تم تطبيقه على كافة الأسواق في المدينة اُستثنيت منه؛ الصيدليات، الأفران، المشافي وعمال المؤسسات المدنية التي يستدعي عملها الاستمرارية مثل بلدية الشعب بما فيها من عمال النظافة وغيرها.

في حين أصدرت القيادة العامة لقوات سوريا الديمقراطية بياناً مماثلاً للإدارة الذاتية تحث من خلاله العسكريون الالتزام بتعليمات الحظر الذي يشملهم أيضاً حفاظاً على التراتبية والتنسيق بين الإدارة المدنية والمؤسسة العسكرية وحفاظاً على أرواح المقاتلين وسلامتهم.

مشاركة جماعية وجهود متضافرة

وقد أوعزت قيادة قوى الأمن الداخلي في المدينة لحواجزها المنتشرة على مداخل المدينة الوقوف على فرض حالة الحظر للحفاظ على سلامة المدنيين ومنع اي حالة دخول للمدينة مستثنية من ذلك حالات الإسعاف والضرورية جداً، في حين قامت دوريات قوى الأمن الداخلي في داخل المدينة وعبر مكبرات الصوت المركبة والمجهزة على السيارات العسكرية بحض الناس بالبقاء في منازلهم وعدم الخروج إلا للأفران والمستشفيات والحالات الضرورية.

وشرطة المرور أيضاً قامت بنصب حواجز لها في أغلب الشوارع للوقوف على حركة السيارات المتحركة والتأكد من الحالات التي حملتها على الخروج من بيوتها وتنظيم ضوابط مخالفة لأولئك الذين خرجوا دونما سبب.

أسواق مغلقة وأسعار مرتفعة

وقد شهدت المدينة في يوميها الأوليين ارتفاعاً واضحاً في أسعار المنتجات الغذائية في المحال التي بقيت أبوابها مفتوحة للناس، ويعزوا أصحاب تلكم المحال الارتفاع إلى انقطاع الطرقات بين المدن التي يتم استجلاب المواد منها، علماُ أن الطرق مفتوحة أمام حركة البضائع الغذائية الداخلة والخارجة من المدينة!.

في حين تنطلق سيارات الضابطة الجمركية لتقوم بعملها والتي صادرت في اليوم الأول كميات كبيرة من السكر من أحد المحلات التجارية قام صاحبها برفع سعرها متجاوزاً الربح المعقول على حد وصف رئيس بلدية الشعب في الرقة أحمد الإبراهيم الذي ناشد الجميع الالتزام بالأسعار المحددة وعدم ابتزاز الناس في قوت يومهم، كما حث المدنيين بالإبلاغ عن أية مخالفة من قبل (تجار الأزمات) كما أسماهم عن طريق الضابطة الجمركية التي تجوب شوارع المدينة وأحيائها وعن طريق دوريات قوى الأمن الداخلي.

استثماراً للزمان والمكان

كما شهدت شوارع المدينة الرئيسية عمليات لبخ المعقمات من قبل بلدية الشعب متعاونة في ذلك مع لجنة الصحة التي زودت البلدية بكميات من الأدوية التي تُرش في الهواء الطلق، تعقيماُ وقائياً مستثمرين في ذلك الوقت الذي انعدمت فيه حركة المدنيين في الشوارع حسب ما قاله رئيس مكتب الصحة مهند الكعكجي الذي رافق حملة البخ في الشوارع واقفاً على عملياتها بعد أن جهزت بلدية الشعب نحو أربعين من أجهزة الرش محمولة على الكتف مع جهاز كبير مركب على السيارة.

كما انطلقت آليات البلدية من جرافات وشاحنات لرفع الأنقاض التي خلفتها أعمال إعادة تأهيل المنازل من قبل المدنيين والتي أغلقت بعض الشوارع في المدينة.

منظمات إنسانية تجوب الشوارع والمخيمات

واستجابة لنداء الإدارة المدنية للجميع بالمساهمة في نشر الوعي بين المدنيين فيما يخص الفيروس انطلقت فرق المنظمات الانسانية العاملة في المديمة إلى شوارعها في خطوة استباقية لحظر التجوال لتقوم بتوزيع الآلاف من البروشورات التوعوية للسكان في الحدائق والمنازل والشوارع والتي حذرت من خلالها الناس من مخاطر هذا الوباء وكيفية التعامل مع الإصابات حال حدوثها و ضرورة المحافظة على النظافة الجسدية.

صناع المستقبل، إنماء الفرات، شمس والسوسن كلها منظمات استمرت بأعمالها التوعوية بعد فرض الحظر متجهةً نحو المخيمات العشوائية في المدينة، حيث قامت منظمة صناع المستقبل وبشكل تطوعي من أفرادها بتوزيع المئات من الكمامات الطبية والقفازات والبرشورات لقاطنوا مخيم يعرب العشوائي-غرب مدينة الرقة ١٥ كم- وفي حي الفردوس في مدينة الرقة، وقامت وعبر مكبرات الصوت بحث الأهالي البقاء في منازلهم حسب ما صرح به رئيس مجلس إدارة فريق صناع المستقبل ومدير حملة التوعية عبيدة العيد.

كما وزّعت منظمة إنماء الفرات العشرات من الملصقات التوعوية على جدران المشافي الأفران والصيدليات في محاولةً منها نشر الوعي بين الناس حسب ما قاله عضو مجلس إدارة المنظمة أسعد الهادي.

حالة مادية سيئة تكسر حظر التجوال

محمد الأحمد من سكان من مدينة الرقة شكا ضعف حاله المادي وبقائه جالساً في الشارع باحثاً عن العمل، كاسراً بذلك حظر التجوال الذي وصفه بأنه حظر للحياة واستمراريتها لمن هم بحاله ممن يعيشون على ما يعملون به في يومهم.

” كان على الإدارة وأصحاب القرار إيجاد ما يسد رمقنا وعيالنا قبل أن يفرضوا هذا الحظر علينا، أُفضل أن أموت بالوباء على أن أموت جوعاً” كلمات لاقت تأييداً ممن يجلسون معه من الباحثين عن العمل.

وكانت الإدارة المدنية في الرقة قد وجّهت مكتب المنظمات والمنظمات الإنسانية التوجه لمنازل هؤلاء الناس للوقوف على احتياجاتهم إلا أن حالة فرض التجوال بهذا الشكل أخر الفرق الموعزة إليها بالعمل من أجل إيصال المعونات إليهم.

الحظر إلى متى؟

يبقى الجواب على سؤال العشرات من أهالي المدينة عن تاريخ انتهاء حالة الحظر مفتوحاً إلى حين أن تقرر الإدارة المدنية ذلك عبر بيان رسمي ستصدره حال اتخاذها إياه.

جواب ينتظره الناس إيعازاً بأن الخطر زال أولاً ثم لمعاودة بث الحياة في مدينة أرهقتها الأيام كثيراً وهي تحاول أن تقف مجدداً على أقدامها.

المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية