في الذكرى الثامنة، كوباني كتبت رواية الهزيمة النهائية لداعش
يصادف اليوم، 15 أيلول الذكرى الثامنة للهجوم الكبير لمرتزقة داعش على مقاطعة كوباني بعد تحقيقه النصر في الموصل والرقة وأجزاء كبيرة من سورية والعراق، حيث حاول التنظيم الإرهابي بدعم تركي وإقليمي السيطرة على كوباني وإيصال المناطق المحتلة من غرب سريه كانيه / رأس العين وصولاً إلى جرابلس وإعزاز على الحدود السورية التركية ببعضها البعض وتحقيق أحلامه في تأسيس دولته المزعومة، إلا أنها كانت في نفس الوقت بداية النهاية لأحلامه ودولته.
لمحة تاريخية عن الهجمات التي استهدفت كوباني:
بعد أن كُسِرت هجمات المرتزقة في (كوباني، سري كانيه / رأس العين، وفي الأحياء الكُرديّة في مدينة حلب مثل حي الشيخ مقصود والأشرفيّة، وكذلك في جبال وقرية قصطل جندو بعفرين)، هذه المرّة انقسموا فيما بينهم، لتعيد تركيّا إنتاجهم بشكل جديد، فولّدت تنظيم “داعش” الإرهابيّ، فانتزع السيطرة على منبج في مارس / آذار 2014 من المجاميع الإرهابيّة الأخرى، لكنّها لم تختلف عن سابقاتها، حيث هاجم التنظيم منطقة كوباني. فبدأ هجماته جنوباً على بلدة “صرّين”، ومن الشرق أيضاً على القرى الواقعة بين مدينة “كري سبي/ تل أبيض” وكوباني، وكذلك من الغرب على بلدة “شيخلر/ الشيوخ”، وأراد أن يعيد سيناريو منبج في كوباني، عبر فرض سيطرته السّريعة على الرّيف والمدينة، وسعى إلى فرض سيطرته عليها دون أن يقدّم قتلى في المعارك، بأن يستسلم المقاتلون لها ويعلنوا مبايعتهم له. لكن رغم وحشيّة التنظيم ولجوئه إلى استخدام أساليب مبتكرة في القتل والتفنّن بتصفية معارضيه، إلا أنّ أهالي المنطقة ومقاتلو الحُرّيّة استطاعوا أن يضعوا حدّاً لتمدّد المرتزقة، ويعرقلوا تقدّمهم.
مع ظهور تنظيم “داعش” الإرهابيّ، دخلت منطقة الشرق الأوسط، وخاصّة العراق وسوريّا ومناطق روج آفا وشمال سوريّا، مرحلة جديدة على الصعيد السياسيّ والعسكريّ والاجتماعيّ أيضاً. ورغم عنفه اللا متناهي، استمرّ في الوجود طيلة سبع سنوات، وما يزال مستمرّاً بأشكال أخرى مختلفة.
مع تمركز تنظيم “داعش” الإرهابيّ في المناطق المتاخمة لشمال سوريّا، وعلى مرأى من الجيش التركيّ وحلفائه، حيث استمر تواجده لأشهر طويلة، كشف ذاك الوجود حقيقة دولة الاحتلال التركيّ وعلاقة تنظيم “داعش” الإرهابيّ معه.
إثر سيطرة التنظيم الإرهابيّ على كلّ من: (الموصل، شنكال، دير الزور، منبج، جرابلس، وكري سبي/ تل أبيض)، لم تصمد أيّ منطقة أمام تقدّم التنظيم، أينما توجّه المرتزقة، تجد أهالي المنطقة يرفعون أيديهم استسلاماً لهم ويبايعونهم. في تلك الفترة سيطر تنظيم “داعش” الإرهابيّ على أكثر من 50% من الجغرافيا السّوريّة وكان يحقّق تقدّماً في مناطق أخرى أيضاً. لم يعرقل تمدّده أي شيء، وخاب أمل الجميع في تحرير مناطقهم منه.
في ذلك الظلام الدّامس الذي فرض نفسه على معظم المناطق السّوريّة؛ انبثق الأمل وبصيص الضوء من كوباني، ويبدو أنّ إطفاء هذه الشُّعلة المتوقّدة التي تعلّق بها كلّ أحرار العالم، قد اتّخذ قراره في غرف الاستخبارات التركيّة “الميت/MIT”، وهذه المرّة بأيدي تنظيم “داعش” الإرهابيّ. لذا شنّ التنظيم الإرهابيّ ثلاث حملات كبيرة على كوباني، في مارس/ آذار، يونيو/ حزيران، وسبتمبر/ أيلول 2014، من أجل فرض سيطرته بشكل كامل عليها، ليكمل خطّ سيطرته من سري كانيه / رأس العين حتّى جبال اللّاذقيّة، ويُهجّر الكُرد من أراضيهم.
سقوط مطار الطبقة فتح الطريق أمام محاولات احتلال كوباني
استسلمت مناطق عديدة في سوريّا واحدة تلو الأخرى لتنظيم “داعش” الإرهابيّ، مدينة مدينة، وقرية قرية، ومعظمها دون قتال، حتّى مطار الطبقة العسكريّ، وذلك بعد أن فرض التنظيم الإرهابيّ سطوته عن طريق إرهاب الأهالي وقطع الرّؤوس وإعدام معارضيه، فقط كوباني لم ترفع له الرّايات البيضاء. اقتحم تنظيم “داعش” الإرهابيّ مطار الطبقة عبر أربع سيّارات مفخّخة وكسر خطوط الدّفاع عنه، ثمّ دخل المطار. استمرّت المعارك في محيط وداخل المطار نحو ستّة أيام متواصلة. وفي 28 أغسطس/ آب 2014 سيطر التنظيم الإرهابيّ على كامل المطار، وسلّم نحو /300/ فرداً من جنود وضبّاط النّظام أنفسهم للتنظيم، ليعمد بعدها إلى ذبحهم جميعاً. هذا الحدث لفت أنظار الجميع، ما جعل معظم القوى ترضخ للتنظيم.
هاجم التنظيم الإرهابيّ في 2 يوليو/ تمّوز 2014 قرى “زور مغار، زبيدة، دبله” وغيرها من القرى التي تقع غربي مدينة كوباني على ضفاف نهر الفرات. في ذات الوقت هاجم قرى في شرق وجنوب كوباني أيضاً مثل قرى “عفدوكه، أبو صرّة، كُنْ حفتار” وقرى أخرى. استقدم التنظيم الإرهابيّ عناصره من جميع المناطق وزجَّ بهم في معارك كوباني، فيما فتحت الدّولة التركيّة حدودها أمامه، وأدخلت لهم الأسلحة والذّخائر، وكذلك كانت نقلت جرحى التنظيم للمعالجة في المشافي التركيّة.
في 12 يوليو/ تمّوز 2014؛ استخدم التنظيم الإرهابيّ الأسلحة الكيميائيّة ضد مقاتلي (YPG) في قرية “عفدوكه”، ما أسفر عن استشهاد /3/ مقاتلين.
اندلعت معارك عنيفة بين عناصر التنظيم الإرهابيّ ومقاتلي وحدات حماية الشّعب والمرأة الـ(YPG) والـ(YPJ) قتل فيها نحو /1519/ إرهابيّاً من عناصر التنظيم. اللّافت حينها أنّ طائرات الاستطلاع التركيّة كانت تحوم فوق نقاط تمركز (YPG)، وتنقل الإحداثيّات للتنظيم الإرهابيّ وتوجّهه وتزوده بالمعلومات الاستخباراتيّة.
الهجومُ الكبيرُ في شهر سبتمبر/ أيلول 2014:
حاصر تنظيم “داعش” الإرهابيّ مدينة كوباني وريفها نحو /11/ شهراً متواصلاً، وحاول عبر هجمات متفرّقة هنا وهناك أن يسيطر عليها، إلا أنّ جميع هجماتها كسرت بمقاومة مقاتلي (YPG) و(YPJ)، ودفع أثماناً باهظة من القتلى في صفوفه.
جمّع التنظيم الإرهابيّ آلافاً من مرتزقته المدجّجين بالأسلحة الثّقيلة (الدبّابات والمدافع) التي استولى عليها في الموصل ومن الجيش السّوريّ أيضاً، وبدأ بالقصف العنيف على المنطقة؛ تمهيداً لشنّ هجوم واسع عليها من ثلاث جهات، حيث وافقت ضمنيّاً عدّة أطراف داخليّة وإقليميّة على شنّ الهجوم ومنحته الضوء الأخضر.
شرعت الإدارة الذّاتيّة الدّيمقراطيّة في كوباني والمؤسّسات المجتمعيّة المنضوية تحت راية حركة المجتمع الدّيمقراطيّ (TEV – DEM) إلى إفراغ القرى “دناي، حرية، أم الهوى، كوبرلك، جرن، بندرخان، سرزوري، زور مغار، زبيدة، وخراباته” من سكّانها؛ تجنّباً لوقوع ضحايا نتيجة القصف المدفعيّ المكثّف عليها، ونقلوهم إلى مناطق أكثر أمناً. وفي 13 سبتمبر/ أيلول أعلن عن حالة الحرب والنفير العام والتعبئة العامّة.
أزال الجيش التركيّ الأسلاك الشائكة على الشريط الحدوديّ مع كوباني من الجهة الغربيّة للمدينة وكذلك من شرقها أيضاً، وأدخل عناصر التنظيم الإرهابيّ مع أسلحتهم وذخيرتهم إلى القرى الحدوديّة. حينها أدرك الجميع أنّ المعركة ليست مع تنظيم “داعش” الإرهابيّ فقط، بل هي في الأساس حرب أعلنتها الدّولة التركيّة على الشّعب الكُرديّ. الشّعب الكُرديّ في باكور/ شمال كردستان أبدى في وقت مبكّر من الهجوم، موقفاً معارضاً لخطط الدّولة التركيّة، وبدأ انتفاضة شاملة. لبّى الشّعب الكُرديّ في شمال كردستان والمتروبولات التركيّة نداء النفير العام في كوباني، وتوجّه العديد منهم إلى روج آفا.
خطّطت دولة الاحتلال التركيّ من خلال فتح الحدود، ليتمكّن مرتزقة التنظيم الإرهابيّ “داعش” من دخول إلى شرق وغرب مدينة كوباني، لكنَّ الشّعب الكُرديّ في باكور/ شمال كردستان، أفشل المخطّط، عبر تشكيله درعاً بشريّاً على طول الحدود مع كوباني، ولم يسمح بتسلّل عناصر التنظيم الإرهابيّ إلى كوباني. اقتلع آباء وأمّهات المقاتلين الأسلاك الشائكة على الحدود، وودّعوا أبناءهم فلذة أكبادهم ليدخلوا إلى كوباني، وبتلويح أغطية رؤوسهُنَّ أزلنَ العقبات أمام انضمام أبنائهُنَّ إلى مسيرة الحُرّيّة ومقاومة القرن. والمثال السّاطع على هذا الانضمام كان “كاركر كوباني” ذو الـ/60/ عاماً. “كاركر كوباني/ رفعت هوروز” المنحدر من مدينة “سينوب” كان يعيش في مدينة إسطنبول. بعد نداء النفير العام؛ توجّه إلى روج آفا. وقبل أن يتوجّه إلى كوباني؛ أسكن عائلة من كوباني فرّت من الهجمات في منزله، وبدأ مسيرة لا نهاية لها نحو الحُرّيّة. بعد مناوبته على الحدود مع كوباني؛ دخل إلى أتون المعارك. وبعد بطولات عظيمة أبداها في كوباني، حيث شارك في تأسيس متحفها، ارتقى شهيداً جميلاً في المجزرة الجماعيّة التي ارتكبها تنظيم “داعش” الإرهابيّ ضدّ أهالي كوباني في عام 2015.
بدأ الهجوم الكبير والواسع في 15 سبتمبر/ أيلول 2014، حيث شنّ التنظيم الإرهابيّ في وقت مبكّر قرى “قزله، بير كيتكه، سرزوري” وقرى أخرى. سيطر التنظيم الإرهابيّ على قرية “دنايك” الواقعة أسفل قرية “خانه” على الشّريط الحدوديّ مع باكور/ شمال كردستان، والتي لها موقع إستراتيجيّ لوجود تلّة عالية فيها، ومنها بدأ المرتزقة بالهجوم على قرية “سرزوري”.
في ذات اليوم شنَّ التنظيم الإرهابيّ هجوماً على قرى “خروس، كُنْ حفتار، آشمه، زيرك، تعلك، جعدة” وعدّة قرى أخرى. وقبلها بيوم وفي جبهة “أبو صرّة” وفي “كورك” و”لقلَقو” اندلعت اشتباكات بين مرتزقة التنظيم الإرهابيّ ومقاتلي وحدات حماية الشّعب والمرأة الـ(YPG) والـ(YPJ). ومن جهة الجنوب شنّ التنظيم الإرهابيّ هجوماً بالأسلحة الثّقيلة على قرية “خروس”.
بدأ تنظيم “داعش” الإرهابيّ بالهجوم على كوباني من ثلاث محاور رئيسيّة بهدف السيطرة عليها بشكل كامل وخلال أيام معدودة والوصول إلى مركز المدينة، مثلما خطّط له. وحينما بدأ الهجوم؛ كانت تحضيراتهم مكثّفة وجدّيّة، حيث زجّ في المعركة الأسلحة الثّقيلة والحديثة.
توسّعت المعركة يوماً بعد آخر، وتحوّلت جميع الجبهات إلى كتل من اللّهب والنيران. في 16 سبتمبر/ أيلول اندلعت اشتباكات عنيفة بين مرتزقة “داعش” ومقاتلي (YPG) في قرى “تعلك، جب الفرج، دوكرمان، بوراز” غربيّ كوباني. وفي الجبهة الشّرقيّة؛ اندلعت المعارك والاشتباكات في قرى “سرزوري، جرن، كوبرلك، بيركتك، سارونج، وقزعلي”. واستخدم مرتزقة “داعش” الدبّابات والأسلحة الثّقيلة في الهجوم. ورغم العدد الكبير للمرتزقة واعتمادهم على الدبّابات (استخدموا في الهجوم نحو 40 دبّابة)، إلا أنّ مقاتلي (YPG) و(YPJ) تمكّنوا من إلحاق ضربات كبيرة بهم، وليؤكّدوا لهم بأنّ كوباني ليست كالموصل وشنكال أو الرَّقّة.
رغم الأمثلة السّاطعة من المقاومة التي أبداها المقاتلون ضدّ مرتزقة تنظيم “داعش” الإرهابيّ، إلا أنّ مقاومة مدرسة “سرزوري” لاقت صدى كبيراً لدى العالم، تلك المقاومة التي فتحت الطريق أمام مقاومة أوسع حتّى تحقيق الانتصار. لا يمكن مقارنة كوباني ما قبل مقاومة “سرزوري” كما هي بعدها، حيث دشّن المقاتلون طريق التضحية لحماية كوباني بدءاً من مقاومة مدرسة “سرزوري”.
تجمّع /13/ مقاتلاً في مدرسة قرية صغيرة، وبحوزتهم بعض البنادق والقنابل اليدويّة، في مواجهة ثلاث دبّابات وعدد كبير من المصفّحات العسكريّة والأسلحة الثّقيلة الأخرى، بالإضافة إلى المئات من مرتزقة “داعش”، الذين كانوا يعيشون نشوة انتصاراتهم في (الموصل، شنكال، الرَّقّة، والطبقة)، بالتّزامن مع الدّعم اللا محدود لقوى الاحتلال لهم. كلّ هذه التفاصيل؛ شكّلت عناوين رئيسيّة لملحمة “سرزوري”، التي أطلق عليها أهالي المنطقة ومقاتلوها اسم “الصفحة الأولى لمقاومة العصر في كوباني”. وتأكّد بعد ملحمة “سرزوري” أنّ هذا الوطن بإمكانه أن يحارب وينتصر، وأنّ المقاومة هي خيار الجميع فيه.
في ليلة يلفّها الصمت.. ذلك الصمت الذي أصمَّ ولعثم سَمْعَ ولِسانَ كلّ مقاتل..! في 16 سبتمبر/ أيلول وفي تمام السّاعة /16.30/، وبتفجير المقاتلين حلقتهم الملغّمة بأنفسهم، دشّنوا لجبهة جديدة حول كوباني. بتضحيتهم؛ أكّدوا مرة أخرى على وفائهم مع هذه الثّورة، وبأنّ الشّهادة هي الوفاء الأسمى لثقافة المقاومة. في مدرسة “سرزوري”؛ فجّروا براكين حقدهم وثأرهم في أجساد مرتزقة “داعش” النتنة، ليغدو /12/ فارساً شهيداً، وليلتحقوا بركب شهداء ثورة روج آفا، ويكتبوا بدمائهم انتصاراتها.
اتّخذ مقاتلو وحدات حماية الشّعب والمرأة الـ(YPG) والـ(YPJ) بعد ملحمة “سرزوري” قراراً لا رجعة فيه؛ بأنهم لن يرفعوا الرايات البيضاء أمام تنظيم “داعش” الإرهابيّ، ولن تعيش كوباني حالة الاستسلام كباقي المدن التي سقطت بيد التنظيم الإرهابيّ. وإن كانت حظوظ التنظيم الإرهابيّ في تحقيق تقدّم ما أكثر منهم؛ إلا أنّهم قرروا قتاله حتّى النّهاية وإن كانت تكلفتها استشهادهم جميعاً. لم يجدوا من اللّائق بهم أن يحنوا رؤوسهم أمام وحشيّة تنظيم “داعش” الإرهابيّ. لذا؛ سطّروا في كلّ قرية وتلّة وحيٍّ ملاحم في البطولة والفداء. فالمقاتلة “ريفانا” نفّذت عمليّة فدائيّة وسط المرتزقة، كذلك لم يبرح “إيريش وزوزان” نقاطهما في الجبهة، إلا أن مرّت دبّابات المرتزقة فوق جسديهما، فيما حوّلت “آرين ميركان” جسدها إلى كرة من النّار داخل صفوف المرتزقة بعمليّتها الفدائيّة في جبل مشتنور، وكذلك “كلهات، زهرا، هبون، ستيرك، وروكن”. أكثر من ألف شهيد عرّفوا العالم أجمع باسم كوباني.
على الرغم من أسلحة داعش والدعم اللامتناهي له من قبل الأطراف الإقليمية إلا أنه لم يتمكن من الوصول إلى المدينة إلا بعد نحو شهر، كان داعش يحاول إرضاء داعميه ومرتزقته بالوعود، حيث كان مقرراً له أن ينهي معركة كوباني بالسيطرة على المنطقة خلال ثلاثة أيام أو أسبوع، إلا أنه فشل للمرة الأولى والثانية والأخيرة عندما طُرد من المدينة التي وصلها بعد نحو شهر.
تحولت المعارك إلى حرب الشوارع، كانت الاشتباكات تحدث في كل دقيقة وساعة ولم تهدأ حتى في ساعات الليل، استخدم داعش فيها كل قوته وأسلحته، مرتزقة من كافة الجنسيات، كانوا متمرسون في الحرب، عمليات انتحارية وسيارات مفخخة وشاحنات مليئة بالمتفجرات كانت عاجزة للسيطرة على المدينة أمام إرادة وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة، حينها تاكد داعش وداعميه بأن كوباني ليست لقمة سائغة كالموصل ولن تستسلم بسهولة، كان مقاتلو YPG و YPJ قد أعلنوا قرارهم النهائي؛ إما كوباني وإما كوباني، الموت من أجل كوباني، وبالفعل، فشل داعش وفشل داعميه من تثبيت أقدامهم في المدينة الطاهرة وقراها.
مقاومة كوباني التي ارتسمت ملامحها على ضوء ملحمة “سرزوري”، بعد /134/ يوماً حقّقت انتصارها النّهائيّ على مرتزقة تنظيم “داعش” الإرهابيّ، بتنظيف المدينة منهم، لتبدأ بعدها فوراً حملة تحرير ريفها، ولينهار مركز ثقلهم الرّئيسيّ في شمال سوريّا بمدينة “كري سبي/ تل أبيض”، ولتكتمل حلقات النصر بتحرير قرية “سرزوري” في 23 فبراير/ شباط 2015، ومن ثم منبج والرقة وصولاً إلى الباغوز التي اعترف فيها داعش حينها بأن هزيمته في الباغوز بدأت من معركة كوباني.