أردوغان . . البطل الوهمي

تعد الدولة التركية من أولى الدول التي اعترفت بإسرائيل، إذ اعترفت بها يوم 28 آذار 1949 أي بعد أقل من عام من تأسيسها يوم 14أيار 1948، وبنت علاقاتها مع اسرائيل على أسس المصالح المشتركة، وبدأت فعالياتها الدبلوماسية في إسرائيل يوم 7 كانون الثاني 1950 وتعيين رئيس للبعثة الدبلوماسية التركية بتل أبيب.

وفي عام1986عينت الحكومة التركية سفيراً كقائم بالأعمال في تل أبيب وفي عام 1991تبادلت الحكومتان السفراء

وفي عام 1994 وقعت تركيا وإسرائيل اتفاقية للتدريب في المجال الأمني وأخرى للتدريب في المحال العسكري 1996 كما وقعت اتفاقيات للتعاون في مجال الصناعات الدفاعية وأخرى للتجارة الحرة.

وفي عام 1998 أجرت قوات البحرية التركية والإسرائيلية والأمريكية مناورات مشتركة في المتوسط.

ونستذكر عام 2005 عندما زار أردوغان إسرائيل وأثناء زيارته ل متحف ياد فاشيم الاسرائيلي رحب به شارون قائلاً “”مرحبا بك في القدس عاصمة الدولة اليهودية””، شارون المسؤول الأول والمباشر عن عدة مجازر بحق الفلسطينيين مثل قبية عام 1953 وصبرا وشاتيلا 1982التي راح ضحيتها قرابة ألفي لاجئ فلسطيني وجنين 2002 وسواها من قمع الفلسطينيين، تلك المجازر التي ستظل دوماً الأسوأ في تاريخه العسكري والسياسي، والذي دنس الحرم القدسي الشريف بزيارته له.

واليوم وبعد أن أعلن ترامب القدس عاصمة لإسرائيل يخرج أردوغان وأزلام حزبه ممن يعتبرون أنفسهم أوصياء على العرب والمسلمين والراعي والمدافع عن الفلسطينيين أكثر من الفلسطينيين أنفسهم ويستجدي تعاطف الشعوب العربية التي يتراء لها أردوغان بأنه أمير المؤمنين بعد أن رأوا من حكامهم التخاذل ولم يستطيعوا أن يفعلوا شيئا تجاه قرار ترامب سوى بعض التصريحات الخجولة التي بالكاد ظهرت أو سمع بها أحد.

أما أردوغان فقد استفاد من هذا التخاذل واستطاع أن يلعب على هذا الوتر بالكثير من الحنكة والدهاء فقد خرج بتصريحاته الرنانة الجوفاء لشعبه وللشعوب العربية والإسلامية التي غيب عنها تاريخ تركيا وحزب العدالة ومن خلفه أردوغان وعلاقات الحميمية مع إسرائيل، وأظهر نفسه عل أنه المدافع الأول عن القدس والبطل الإسلامي الوحيد.

متناسياً علاقاته وعلاقات حكومته مع إسرائيل واعترافه الضمني لشارون بأن القدس عاصمة لإسرائيل في عام 2005.

ويبحث أردوغان من خلال تصريحاته الإعلامية النارية تجاه قضية القدس إبعاد الأنظار عن الوضع الداخلي التركي وقضية رضا ظراب، وكسب أصوات الناخبين.

فاليوم وصف صحفيون ونشطاء أتراك موقف أردوغان وتصريحاته بشأن القدس بالغير صادقة.

وتحت عنوان: “اقطع علاقات بلدك وتجارتك مع إسرائيل إن كنت صادقًا” نشرت صحيفة زمان التركية تقريراً تضمن توجيه الرأي العام في تركيا انتقادات عنيفة إلى قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس الذي أعلنه الأسبوع الماضي؛ وطالبوا في الوقت نفسه الرئيس التركي برد جدي على القرار، بعيدًا عن التصريحات والخطابات الحماسية.

فبعد أن أدانت الخارجية التركية قرار ترامب، ووصف أردوغان القدس بـ” الخط الأحمر”، وإسرائيل بـ” دولة الإرهاب”، وقال إنهم لن يتركوا القدس تحت رحمة الدولة القاتلة للأطفال.

وبحسب ما نشرت الصحيفة فإن الصحفي سيد صفا نسر على حسابه في تويتر إنه لو رغب أردوغان في الاحتجاج على إسرائيل لقام بتجميد الاتفاقيات المبرمة معها فورًا في مجالات الطاقة والتجارة والجيش وليس بالصياح، وأضاف بأن إعلان القدس عاصمة لإسرائيل ليس بالخطوة الجديدة، نظراً لإعلان إسرائيل القدس عاصمة لها في عام 1980، مؤكداً أن العلاقات التركية الإسرائيلية بلغت ذروتها في عهد حكومة حزب العدالة والتنمية، وأن تصريحات أردوغان بشأن الأمر تهدف لحصد أصوات الناخبين فقط.

أما رئيس الحزب الليبرالي السابق جام توكر فقد ذكر أردوغان بتعهده في مايو عام 2013 بزيارة قطاع غزة خلال شهر، غير أنه لم يفِ بهذا الوعد إلى الآن، وطالب توكر أردوغان بزيارة القدس إن كان حقا صادقا في تصريحاته.

و“مراد زنجي” كتب على حسابه أن أردوغان وصف إسرائيل بدولة احتلال، مطالباً إياه بقطع العلاقات التجارية مع إسرائيل؛ نظراً لأن بناء علاقات تجارية مع دولة احتلال لا يليق به.

من جانبه أفاد الكاتب الشهير رجب إحسان أليتشيك أن أردوغان يسعى للتستر على قضية غسيل الأموال والرشاوى وخرق العقوبات الدولية على إيران القائمة في الولايات المتحدة من خلال قضية القدس، مشيراً إلى إرسال السلطات التركية مذكرتين إلى الولايات المتحدة بشأن رجل الأعمال الإيراني الأصل رضا ضراب، في جين لم يفعل الأمر ذاته حيال القدس، قائلا: “القدس عزيزة بقدر رضا ضراب، أليس كذلك؟!

وفي سؤال وجهه حساب “نبض تركيا “هل موقف أردوغان من القدس، بغض النظر عن صدقه أو عدمه، يبرؤه من الجرائم التي يرتكبها ضد شعبه من الأتراك والأكراد على حد سواء؟!

علي الكلزي