نظرية بشار في تعريف الخونة وأصحاب الدار
محسن عوض الله
جميل ذاك الشخص المسمى بشار الأسد الذي يعرف نفسه برئيس الجمهورية العربية السورية، فالرجل الذي أصبح رئيساً بالصدفة يبدو أنه لم يكن يخطر بباله أن يصبح رئيساً يوماً ما ، وكان يخطط بفعل ما يري في نفسه من مواهب لأن يكون رئيسا ولكن في السيرك السوري وربما كان يطمع أن تساعده ظروفه ويحظى بلقب المهرج الأكبر بسوريا وعموم الشام ولكن للأسف خابت ظنونه وفشل في تحقيق أمنيته وأصبح رئيس دولة رغم أنفه.
بشار الذي أصبح رئيساً بالصدفة أو رئيس الضرورة كما يطلق عليه بالدول العربية عقب وفاة شقيقه باسل الأسد الذي كان والدهما حافظ يعده ليكون خليفة على حكم سوريا ولكن كان للقدر رأياً أخر ورحل باسل في حياة والده ولم يجد البعث وعائلة الأسد مفراً سوى تنصيب طبيب الأسنان بشار رئيساً لسوريا بعد تعديل هزلي لمواد الدستور لتتناسب مع سن الطبيب المحظوظ في سابقة جعلت سوريا أضحوكة وسط العالم في حينها.
لكن الواقع أثبت أن بشار الرئيس لم ينس حلمه في أن يصبح مهرجاً حتي لو مارس موهبته تلك بالملابس العسكرية وفي اللقاءات الرسمية.
لا يضيع بشار فرصة يستطيع أن يثبت بها خفة دمه وتمتعه بروح الكوميديان والمهرج دون أن يستغلها، فالرجل الذي لم يمر أسابيع على نظريته العجيبة حول خلطة الأديان والقوميات التي اعتبر فيها أن العروبة تشمل كل الأعراق والأديان والطوائف دون أن يقدم مبرراً أو تفسيراً لتلك الخلطة العجيبة ، “وأن الثقافة العربية هي مجموع تراث وثقافات كل الأقوام التي عاشت في هذه المنطقة عبر التاريخ القديم والحديث” دون أن نعرف كيف ومتي وأين حدث هذا !!
فاجأنا بشار الأثنين بنظرية جديدة حول الوضع السوري حدد فيها من يستحق صكوك الوطنية والغفران ومن يستحق إثم الخيانة والعار .
نظرية بشار في تعريف الخونة أطلقها بعد استقباله لوفد حكومي واقتصادي روسي برئاسة نائب رئيس الوزراء ديميتري روغوزين ، حدد بشار في نظريته مفهوم الخيانة بقوله “أن الخائن هو من يعمل تحت قيادة أي بلد أجنبي في بلده وضد شعبه” !
احقاقاً للحق قد تكون نظرية بشار في تعريف الخائن صحيحة وتحمل قدراً من المنطق وصالحة للتطبيق في أي دولة بالعالم إلا سوريا، كما أن هذا التعريف يمكن القبول به من أي شخص بالعالم إلا بشار الأسد.
بشار الذي قصف شعبه بالبراميل المتفجرة واستدعي ميليشيات إيران والعراق والشيعة الأفغان وطائرات روسيا وجنودها للانتقام من شعبه الذي خرج طالباً الحرية والكرامة ضمن موجة الربيع العربي التي انتفضت فيها الشعوب ضد عقود الظلم والاستبداد.
بشار الذي اتهمته منظمة العفو الدولية في تقريرها الصادر فبراير 2017 بتنفيذ إعدامات جماعية بحق 13 ألف معتقل في سجن مضايا، بشار الذي كشفت المنظمات الحقوقية عن قيام ميليشياته بعمليات اغتصاب وذبح وسلخ بحق المعتقلات السوريات ، بشار الذي لم يتورع عن استخدام الغاز السام ضد السوريين في خان شيخون فقتل وأصاب قرابة 500 معظمهم من الأطفال .
بشار الذي قتل السوريون واغتصب نساءهم وسمم أطفالهم بالكيماوي يتحدث عن الخيانة ويمنح نفسه صكوك الوطنية ! يا لسخرية القدر ..
لم يكتف بشار بنظرية الخيانة بل قدم نظرية جديدة في سياق نظرياته التي لا تنتهي وهي نظرية كيفية التعامل مع أصحاب الدار، فخلال الزيارة التفقدية التي قام بها الرئيس بوتين للولاية الروسية الموجودة بالأراضي السورية المعروفة بقاعدة حميميم والتي ظهر خلالها بشار الأسد كضيفاً ثقيلاً على صاحب الدار بوتين ورجاله ، ولكن إحقاقاً للحق أبدى بشار تفهماً كبير لكونه ضيفاً على الأرض الروسية حتي وإن كانت داخل حدود بلده وتفهم بشار أنه ليس من حقه طلب أو فعل شيء دون الرجوع لصاحب الدار ومالك القرار الحقيقي فى سوريا السيد بوتين ورجال جيشه الذين منعوه من التحرك بحرية وما كان منه إلا التسليم لهم بحكم أنهم أصحاب الدار الحقيقيين ولولاهم ما كان يستطيع قضاء حاجته ودخول حمام قصره.
لا يستحق بشار عناء الرد عليه فهو في النهاية مجرد مهرج بلا قيمة وهو يدرك ذلك جيداً ويعلم أن شمس نظامه قد آن أوان غروبها وأن المستقبل لا يحمل خيراً له لذا يسعي جاهداً ليتحدث بصيغة الماضي وبلغة الماضي لعله ينجح في إعادة الماضي والرجوع بعجلة الزمان للخلف وهو أمر محال حدوثه .
هجوم بشار على قوات سوريا الديمقراطية ربما يمكن تفسيره في سياق البحث عن دور من شخص بلا قيمة مثل بشار في مواجهة كيان ناجح تتعاظم مكانته على الصعيد الدولي والإقليمي مثل قسد بحكم كونها عضواً بالتحالف الدولي لمحاربة الإرهاب وأثبت رجالها كفاءة كبيرة في قتال عناصر داعش مما جعلها مؤهلة لتكون نواة أساسية للجيش السوري المتوقع تشكيله قريباً .
حقيقة لا أهتم بما يصدر عن بشار الأسد أو نظامه ولا أعتقد أن ما يقوله يستحق الاعتداد به ، فبنظري بشار ضيف على سوريا سيرحل قريباً ولن يتبق من نظام البعث سوي ذلك الاسم والتاريخ القذر ، وقريباً ستبدأ سوريا صفحة جديدة من تاريخها لا تعرف الظلم ولا الاستبداد ، صفحة لن يكون فيها بعث ولا قومية ولا عائلة تسيطر على مقاليد الحكم لعقود ، وقريبا سيحتفل السوريون بدولتهم الجديدة دولة سوريا الاتحادية الديمقراطية التي تتسع للجميع ولا تفرق بين أحد من مواطنيها وستكون نموذجاً لنشر الفيدرالية بالشرق الأوسط بالكامل .