مازالت هناك أجنداتٌ خفيَّةٌ وأياديَ ملوثةٌ تُحاول التلاعبَ بالنسيج السوري، ورغم كل الجراح والآلام التي عانى منها السوريون في مختلف بقاع الجغرافية ومع نسبية شدّة الألم والجراح والويلات من منطقةٍ لأخرى من أتون الحرب التي مازالت رَحاها تواصل حصدَ المزيد من الأرواح.
وبالرغم من كل هذه الأحداث إلّا أنّ أخطر ما يُحاكُ للسوريين هو السَّعيُ لخلق واقعٍ تقسيميٍ جديدٍ يتماشى مع التغيرات الديمغرافية التي حدثت في عفرين والغوطة وباقي المناطق التي خضعت لبازار المفاوضات السياسية في أستانا.
وإنَّ ما خَفيَ أعظم..!
إنَّ حالة التغيير الديمغرافي تمَّ استحضارها وتطبيقها لخلق واقعٍ جديدٍ يحمل في طيّـــاته وفي ثناياه وآثاره البعيدة الأمد نوعاً من الفتنة بين مكونات المجتمع السوري، خاصةً بعد عمليات التوطين ومباركةٍ من المجتمع الدولي الذي يقف عاجزاً عن قول كلمة الحقّ، أو أن يُساهم في الحدّ من هذه الظاهرة التي أرهقت الشعب السوري، وحملت في نفوس السوريين أحقاداً لن تزول إلَّا بعودة أصحاب الأرض إلى ديارهم، وهذا ما تُحاول بعض الدول الاقليمية المنخرطة في الصراع السوري أن تُكرّسهُ.
ومن الأمثـــــــــلة وليس حصراً…
كــانت عفرين حين عَمَدت تركيا إلى تهجير سكّانها الأصليين ومنعهم من العودة وتوطين تركيبة سكانية جديدة فيها.
والهدف الغَير مُعلن من هذه العملية هو خلقُ واقعٍ فِتنَوِيٍّ جديدٍ بين السوريين.
فَــالفتنة التي تُحاول بعض الأجندات والبروباغندا الإعلامية إيقاظها وانتشارها تحت مُسمّياتٍ عدَّة منها سُنّي وعلوي ومنها الكُرد والعرب ماهي إلَّا شكلاً آخرَ من أشـــكال الحرب التي تُمارسُ في سوريا.
وكان الّلافت للانتباه أنَّ شَرَر هذه الفتنة يُحاولون زيادة سعيرها وتأجيجها بين السوريون حتى خارج الحدود السورية، وإنَّ أكبر دليلٍ على هذا النوع من الحروب هو اهتمام وسائل التواصل الاجتماعي بحادثة الاقتتال بين سوريين في اليونان، الأمر الذي جعل الذين يصطادونَ في الماء العَكر مادَّةً دسمةً لبثّ سمومهم وألاعيبهم لنشر المزيد من الكراهية والحقد بين أبناء الجلدة الواحدة، بسبب الخلافات السياسية لاشكَّ أننا نعيشُ حالةً من الفتنة ولكن علينا أن نُواجه حالة الفتنة وأن نعمل على الوحدة وجمع الشمل، وقد يبدو الأمر صعباً علينا لاسيّما مع وجود حالةٍ من التصلب والعناد التي يُمارسها البعض تجاه القضايا الخلافية بحيث يحتكر بعقله الحق والحقيقة.
وفي حالتنا السورية الأمر صعبٌ ومعقد جداً بحيث يتطور الموقف إلى نزاعٍ سياسيٍ أو عرقي أو ديني مصبوغٌ بلون الدم.
لذلك يجب علينا أن نكون يقظين جيداً لما يُدارُ لنا داخل الغُرف المظلمة والأجندات الخارجية ولابُدَّ أن نُواجه الفتنة بمزيدٍ من الوعي وعدم الانجراف السريع وراء من يعبثُ بفسيفسائنا السوري المتنوع والغني بالتعددية والتنوع الفريد.
وأن لانترك أنفسنا ضحية الشائعات والأكاذيب خاصَّةً مع سهولة التلاعب بالصور والفيديوهات والأصوات، في عالم التكنولوجيا والاتصالات التي تَعدَّت كل حدود الدول، وأصبحت الهشيم الذي ينتظر شرارة النار الأولى لتحرق الأخضر واليابس.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
حســــــين عثمان