رغم تحرير مدينة الطبقة من تنظيم داعش الإرهابي وتطهيرها بشكلٍ كامل، إلا أنّ المآسي التي تسبّب بها والذكريات الأليمة التي خلفها ورائه مازالت عالقة في أذهان سكانها وأهلها تأبى الخروج منها إلى الأبد، فقد جعل الظلم الممارس بحق أهلها طعم الحياة مريراً إلى أبعد حد.
أم منار واحدةٌ من مئات الأمهات اللواتي فُجعْنَ بأبنائهن حيث قام إرهابيو داعش باختطاف وإعدام ابنائهن ما جعل طعم حياتهن مراٌ كالعلقم.
منار مصطفى غضين من مواليد الطبقة 1975، أمٌّ لطفلة ومعيلة لوالديها بدأت بالعمل بعد غياب زوجها كممرضة لدى أحد الأطباء في المدينة، لكن وبسبب المضايقات التي تعرّض لها الأطباء من قبل تنظيم داعش، اضطرت ترك العمل والبحث عن مصدرٍ آخر للعيش، لتجد عملاً ضمن صالةٍ نسائية تقدّم شبكة الانترنت في مدينة الطبقة، وبعد عدة أيام من عملها في الصالة تم اعتقالها من قبل عناصر التنظيم بتاريخ 21/آذار من العام 2017.
وتروي أم منار تفاصيل اعتقال ابنتها على أيدي عناصر التنظيم المذكور قائلة: في اليوم الذي كانت وأختها تحضران للاحتفال بعيد الأم تم اعتقال ابنتي منار مع ابن أختها الصغير، ولم يكتف عناصر التنظيم بذلك بل داهموا منزلها في اليوم نفسه وقاموا بتخريبه وسرقة كافة محتوياته بحجة أنها عائدة للأعداء والخونة.
وباتت أم منار وحيدة مع حفيدتها الصغيرة، لأن أبنها أجبر هو الآخر الخروج من المدينة هرباً من الاعتقال بسبب معارضته لممارسات داعش.
وتشير أم منار إلى أنها ذهبت مراراً للسؤال عن ابنتها في مقرات داعش لكن دون جدوى لأنّ عناصر التنظيم قاموا بطردها المرّة تلو الأخرى وأساؤوا إليها، حتى عندما تم الإفراج عن حفيدها الذي اعتقل في اليوم نفسه مع خالته بعد أربعة أيام من التعذيب الوحشي الذي تعرّض له، لم يكن يعرف ما حلّ بخالته.
وتستكمل أم منار حديثها وفي عينيها حسرة الأم التي تفتقد ولدها: بعد مضي شهر قدّم لي عناصر التنظيم وثيقة تثبت فيها إعدامهم لمنار بتهمة التعامل مع الخونة والمرتدين، مشيرة إلى أنه تم إعدامها قبل شهر من تحرير المدينة من قبل قوات سوريا الديمقراطية.
ورغم مضي أكثر من عام على تقديم وثيقة إعدامها، لم تملّ أم منار من انتظار ابنتها على أمل عودتها يوماً ما إلى عائلتها.
المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية