فادي عاكوم
بدأ أردوغان بحصد نتائج مخططاته الشيطانية، وبدأ الشعب التركي يدفع الثمن، وبانت الصورة الحقيقية للإقتصاد التركي الذي طالما قامت وسائل الإعلام التركية بتلميعه ومعها منظومة إعلام الإخوان للدلالة على حسن إدارة أردوغان لاقتصاد بلاده وسعيه الدائم لتطوير الصناعات بكافة أنواعها وزيادة الصادرات ورفع معدلات الزراعة، فاتضح أن كل ذلك كان قصراً من الورق تهاوى مع أول هزة سياسية حقيقية تعترض أردوغان وتركيا منذ سنوات.
من يقول أن التدهور الحاصل في الاقتصاد التركي والانهيار الذي تعاني منه الليرة التركية يعود إلى سوء العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية خاطئ تماماً، فالإقتصاد التركي لم يكن يوماً بأحسن حال، فأروغان ومنذ تسلمه زمام الأمور في بلاده قام بإجبار رجال الأعمال على القيام بالمشاريع الكبيرة التي تم إنشائها في بلاده، وبسبب قلة السيولة أحياناً ورغبة في التوسع أحياناً أخرى قام هؤلاء (أي رجال الأعمال) بالاستدانة من الخارج لضخ السيولة اللازمة والفائضة في الأسواق التركية، علماً أن كل هذه المشاريع المشار إليها هي مشاريع تعتبر قومية أي من اختصاص المؤسسات الحكومية، فأوهم أردوغان الأتراك والعالم بأن الدولة التركية قوية وتقوم بتحسين الأوضاع الداخلية اقتصادياً واجتماعياً.
الليرة التركية كانت مهتزة قبل سلسلة الضغوط الأميركية، خصوصاً بسبب حصول الشركات التركية على مبالغ كبيرة كقروض بالدولار الأميركي بمعدلات فائدة منخفضة، حيث وصلت هذه القروض إلى أكثر من 220 مليار دولار فارتفع معها معدل التضخم ليتجاوز أحياناً عتبة الـ16%، مما أوجب رفع معدلات الفائدة فتم الأمر بنسبة 7% إلا أن الأمر يحتاج إلى نسب أكثر ولا تزال السلطات التركية المالية تكابر وترفض رفعها أكثر.
الليرة التركية فقدت للآن ومنذ بداية العام ثلث قيمتها مما أدى إلى انخفاض مؤشر الثقة الإقتصادية بنسبة 5% تقريباً، وذلك لأسباب عديدة منها عجز الحساب الجاري حيث وصل مؤخراً إلى عتبة الـ58 مليار دولار، أي ان الأموال الخارجة من تركيا تفوق مثيلاتها الخارجة، وبالتالي فإن هذه الأزمة ستنتج حالة من الهروب الجماعي من الأسواق التركية وسنرى خلال الفترة المقبلة المزيد من الانهيارات الاقتصادية المعلنة والغير معلنة، ومعها انهيار الليرة التركية إلى مستويات لم يكن يتوقعها إلا العارفين ببواطن الاقتصاد التركي ومكتشفي قيمته الحقيقية، علماً أن كل هذا سيؤدي إلى تفاقم الدين العام الذي وصل حالياً إلى 450 مليار دولار مع ترشيحات بارتفاعه بنسب ضخمة خلال الفترة القليلة المقبلة.
هذا السيناريو كان مرشحاً للحصول منذ عدة أشهر، لكن أردوغان حاول الهروب إلى الأمام من خلال جملة تحركات إلى الأمام، مستغلاً الوضع السوري، فقام بمغامراته باحتلال عفرين، وبدأ بالتوسع مستعيناً بالتنظيمات الإخوانية التابعة له، فأصابت لعنة الزيتون الليرة التركية وبدأت تتهاوى، بعد انكشاف نواياه بالكامل ووضوح مساعيه التحريضية ودعمه الدائم والمستمر للإرهاب، فلاقى ما يتناسب مع إجرامه، علماً أن الأزمة لا تزال ببدايتها، وسنشهد انهياراً كبيراً لليرة تركيا مع تراجعاً لشعبية أردوغان وأوضاعا اقتصادية واجتماعية صعبة سيعاني منها الأتراك والعرب المتتركين .