فادي عاكوم
بذل أبناء روج افا الغالي والنفيس من الدماء والأنفس للحفاظ على الكرامة أولاً، والحياة والوجود ثانياً، ووجهت نحوهم أشرس الحملات العسكرية والإعلامية من قبل جماعات غير آدمية مدعومة كما اتضح ويتضح من الدولة الجارة تركيا، لكن رغم الإرهاب والحقد الأعمى استطاع أهالي روج آفا الصمود وإعادة الحياة إلى طبيعتها نسبياً، وتشكيل منظومة لإدارة المناطق بمفهوم عصري تحرري وإنساني، في وقت لا تزال العديد من المناطق خاضعة لسيطرة وحكم تنظيمات متطرفة تفرض قوانيها المتحجرة وتسلب ما تسلبه من الأهالي الذين تحولوا إلى عبيد يجلدون عند مجرد محاولة الرفض أو إبداء الاستياء.
إن بناء الإدارة لم يكن يحتاج إلا للإرادة القوية الصادقة، رغم التهويل الإعلامي الذي حاول التشويش على عملها وتشويهها، إلا أنها خرجت إلى العلن لإدارة جميع المناطق وفيها ممثلين عن جميع الأطياف السياسية والدينية والقومية، وهو أمر غير معهود في سوريا، ويبشر بمرحلة جديدة من الحياة الكريمة الحرة المبنية على مبدأ التكافؤ الاجتماعي.
ولا شك بأن الإدارة في مناطق الشمال السوري كان لها نصيب الأسد في المفاوضات التي دارت وتدور بين ممثلي المنطقة وممثلي الحكومة السورية، فالاستغناء عن المنظومة غير وارد على الإطلاق لأنه يعني العودة إلى الوراء عشرات السنوات الضوئية، ومعناه أيضاً الاستهزاء بأرواح ودماء الشهداء الذين سقطوا وفي بالهم روح الحرية والمساواة، وبالتالي فإن هذه المنظومة ستبقى وإن جرت بعض التعديلات الخاصة بالمسمى وبعض التفاصيل الجانبية، خصوصاً وأن الدولة السورية باقية والتغيرات العسكرية على الأرض توحي بتفاصيل المرحلة المقبلة.
وفي المقابل يصر أبناء “أردوغان” في مناطق سيطرتهم – إن كان بواسطة ما يسمى بالجيش الحر أو بواسطة جبهة النصرة – على الإنفصال والتبعية التامة لتركيا، وممارسة الحكم الفوقي الديكتاتوري الذي زعموا هم أنفسهم بأنهم قاموا بثورة ضده، فقد انكشف زيفهم وكذبهم، وعمالتهم لحفيد العثمانيين، وجل اهتمامهم الإبقاء على النفوذ التركي الذي حولهم إلى انكشارية يقتاتون من بقايا ما يرمى لهم من الموائد، وهم لا يدركون بأنهم سيكونون كبش المحرقة عندما يبدأ تنفيذ الاتفاقات الدولية الخاصة بمناطقهم، وعندها سيقتل من يقتل منهم والنافذين سيتم تهريبهم إلى الخارج للمتاجرة بهم عند اللزوم، والباقون سيساقون إلى الخدمة الإجبارية أو خدمة الاحتياط وسيكونون رأس الحربة بأي معركة ضد أي تنظيم إرهابي غير مشمول بالاتفاقات المبرمة، أما مناطقهم فستعود لنفس طريقة الحكم التي كانت سائدة قبل العام 2011 بل ستكون أكثر شدة بحجة مكافحة الإرهاب.
وبذلك سيكون من تم اتهامه بالعمالة والعمل ضد الثورة هو الثائر الحقيقي الذي استطاع الحفاظ على مكتسبات كانت من مقدمات مطالب الشعب، وسيحيا أبناء مناطق الإدارة بطريقة كريمة قائمة على قدر كبير من العدل والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، بينما من ادعى الثورة سيفقد أي مكتسبات حالية بل سيفقد مكتسبات سابقة لارتباطه الفعلي بمنظمات مصنفة على أنها إرهابية ليس في سوريا وحسب بل في العالم اجمع.
هذه هي الإدارة التي قامت على الإرادة الصلبة المقاومة الرافضة للذل والإرهاب، وهؤلاء هم الجبناء الذي سيعودون لمجرد تابعين ومنفذين للأوامر دون أي حق للاعتراض أو حتى للتردد والتفكير.
فلتحيا الإدارة القائمة على الإرادة والشرف….وتباً للجبناء فاقدي الإرادة والكرامة.