صلاح مسلم
تصبّ معظم النقاشات حول الصراع على دير الزور في بوتقة النفط والتحكّم بمفاصل الشمال السوريّ، فمن وجهة نظر الخبير العسكري الروسي؛ الفريق يوري نيتكاتشيف أنّ الوضع في دير الزور مرتبط بأهداف بعيدة المدى لواشنطن، وإذا دخل الكرد إلى الجزء الأكبر من دير الزور قبل جيش النظام السوري، فإن هذا يعني؛ “استيلاء الولايات المتحدة على المنطقة الغنية بالنفط والغاز في البلاد”.
مازالت لغة الخطاب التي يستخدمها رؤوس النظام السوري تعتمد على العنف ونفي الآخر، وهي اللغة التي لم تتغيّر على الرغم من كلّ هذا الثمن الباهظ الذي دفعه السوريّون ومازالوا يدفعونه، ولم يدرك النظام السوريّ أن تحرير أيّ شبر من براثن داعش من قِبل قوّات سوريا الديمقراطيّة هو الخلاص من العنف بحدّ ذاته، وما الفائدة إذا تخلّصوا من العنف والإرهاب الداعشيّ ورجعوا إلى حضن النظام السوريّ الذي لم يغيّر قطّ من خطابه.
لا بدّ للنظام السوريّ أن يُدرك أنّ الشعب السوريّ ليس ذاك الشعب الذي ارتضى مكرهاً عنه أن يعيش في كنفه في دمشق وحلب والساحل السوريّ، فالديمقراطيّة التي وصل إليها الشعب السوريّ في الشمال السوريّ هي الحلّ والخلاص الوحيد، وليس مزحة كما يصوّرها المقداد، وليس حبّة بنادول يتناولها الشعب في الشمال السوريّ كما يستهزئ به الجعفريّ…
فلغة العميد عصام زهر الدين هي اللغة الواضحة والصريحة للنظام السوري، عندما توعّد المهاجرين بعدم العودة إلى وطنهم، فكيف سيأمن الناس في الرقة ودير الزور بالعودة إلى حضن النظام الذي يحمل لغة الوعيد والتهديد؟ ومنطقة معدان التابعة لمحافظة الرقة تُرسل يومياً رسائل لقوّات سوريا الديمقراطيّة بتحريرها من داعش قبل وصول النظام السوريّ.
إنّ لغة المنفعة الماديّة والسلطة والعنف السائدة لدى رموز السلطة الحاكمة في دمشق لم تعد تنفع في ظلّ هذه الثورة التي اختصرت في الشمال السوريّ بعد أن باع الجيش الحرّ وجبهة النصرة الثورة في حلب ودمشق وغيرها، وبعد أن فشلت ذهنيتَي الثورة الإسلامويّة والدولة القومية المضادّة في دمشق.
إنّ سكّان دير الزور يسردون لنا جرائم اللواء خضور وكيف بات يسرق السيّارات وينهب المدينة، والأيّام كفيلة لفضح المتورّطين في دماء الشعب السوريّ، فلا شكّ أنّ عصام زهر الدين لا يريد أن يعود المغتربون إلى ديارهم لئلا يفتحوا ملفات الفساد والإجرام، فلغة المادّة والمنفعة كما قلنا هي السائدة، وكلّ التحليلات تنصبّ في إطار البترول والنفط، وكأنّ المجتمع غير حاضر في ذهنيّة أولئك التجّار، فلغة الدولة السوريّة هي لغة التجّار دون أدنى شكّ، ولم تعد لغة الديمقراطيّة والحرّيّة والمساواة والعيش المشترك موجودة عند ذهنية النظام السوريّ، فمتى سيدرك هذا النظام أنّ اللغة الوحيدة التي سيفهمها السوريّون هي الديمقراطيّة ولا سبيل سوى الديمقراطيّة؟
ستكون دير الزور مدينة الحلّ الديمقراطيّ لأنّ نازحي دير الزور إلى قامشلو الآن هم أنفسهم الذين كانوا يكرهونها في 2004 والآن عرفوا أنّهم خدعوا من قِبل النظام، وتحوّل الكره المصنوع إلى الحبّ الأصيل.